مقال بعنوان اخلاقيات مهنة التدريس الجامعي
أ.د اياد هاشم محمد
عميد كلية التربية المقداد
ان الحاجة الى الاخلاق وحسن التعامل تشتد كلما اصبح التفاعل بين الافراد والجماعات قويا, وحيث ان هناك تفاعل بين البشر يقوده العمل المهني وخاصة في التعليم الجامعي والذي ينضوي غالبا بين طرفين هما من يمارس المهنة وهو الأستاذ الجامعي ومن يستفيد منها وهو الطالب الجامعي, وفي المجتمعات الإنسانية عموما ينبني التعامل بين الطرفين على قدر متعارف عليه من الحقوق والواجبات وقد ينظم هذه الحقوق والواجبات تشريع ديني او نظام مهني او اداري فيه مجموعة من المواد والفقرات والنصوص او عرف اجتماعي اصطلحت الجماعة على تحكيمه وتفعيله في تنظيم العلاقة بين هذين الطرفين ومن المهن ذات العلاقة البالغة والعلاقة الإنسانية المتبادلة هي مهنة التعليم وعلى رأسها التعليم الجامعي وهي عبارة عن المهنة التي تعتمد على رسالة تمثل في الهدف والغاية وتتم من خلال العلاقة بين الملقي وهو الأستاذ الجامعي والمتلقي وهو الطالب الجامعي والمتلقي غالبا ما يكون مجموع وليس فردا , وهذه المهنة شأنها شأن غيرها من المهن لها حدودها ومعالمها وتنظيمها الخاص الذي يحدد حقوق كل طرف وواجباته تجاه الطرف الاخر ومع ذلك فهي ليست مهنة عادية كتلك المهن التي يتعامل أصحابها مع الماديات كالأجهزة وغيرها , انها مهنة إنسانية يتعامل المهني فيها مع اناسي مثله, يتعامل مع انفس وعقول وارواح وعواطف ومشاعر واحاسيس وهو في تعامله ذلك يحمل رسالة ويسعى لغاية ويتطلع لهدف, ولا يريد لتعامله ان يفشل ولا لرسالته ان تتعثر ومن هنا فأن هذه المهنة احوج من غيرها الى اخلاقيات يلتزم بها الطرفان ويتعاملان من خلالها مع الناس سواء كانوا طلابا او زملاء او رؤساء او أولياء أمور وهي اخلاقيات في غاية الأهمية لهما في ممارستهما لمهنة التعليم والتربية التي هي احوج المهن الى الاخلاق التي تحكم العلاقة بين طرفي المهنة (الأساتذة والطلبة) وعلى مر العصور فقد كان هناك اهتمام بأخلاقيات مهنة التعليم, فالأستاذ الجامعي يعد محور العملية التعليمية والتربوية فبالإضافة الى قيامه بدوره التقليدي في الأنشطة التعليمية تقع عليه مسؤولية التربية الخلقية فالأستاذ يقوم بدور المربي الأخلاقي الذي يغرس القيم التي يحددها المعتقد السائد في المجتمع والذي يلتزم به الأستاذ باعتباره احد افراد المجتمع فالأستاذ اهم عنصر من عناصر العملية التعليمية والتربوية حيث تؤثر شخصيته وثقافته وخبرته وأساليب تعامله ونوع علاقاته مع طلبته واخلاقهم وتصرفاتهم ونظرا للبعد الأخلاقي للتربية فقد ظهر ما يسمى بالتربية الخلقية وهي عملية اندماج مؤسسات التربية في المجتمع بإيجاد نوع من الموائمة بين رغبات الفرد وحاجاته ورغبات المجتمع الذي يعيش فيه لذا لا يمكن تعليم الاخلاق بمعزل عن التربية ومن هذا المنطلق فأن الأستاذ ملزم بتزويد طلبته بالمعارف اللازمة وتعليم المهارات الخلقية وتكوين العادات الاجتماعية الحسنة فالتربية الخلقية عملية يمكن النظر اليها على انها الغاية السامية للتربية.
ان الاخلاق لها أهمية كبيرة وقدرها جليل ولها وقع خطير لا نها من الأمانة التي يحملها الانسان ليعمر بها الأرض بالعدل والبر والتقوى والإحسان ويسوي بها الأمور بالرشاد والسداد بعيدا عن الظلم والطغيان.
ان الاخلاق الحسنة والسلوك القويم أفضل من تحلى بها رسولنا الكريم محمد بن عبد الله (صل الله عليه وسلم) حيث قال سبحانه وتعالى في حق النبي محمد (صل الله عليه وسلم): (وإنك لعلى خلق عظيم) وقد وردت الأحاديث النبوية الشريفة بهذا الصدد منها قول الرسول محمد (صل الله عليه وسلم) (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق).
وقد تناول الادباء والشعراء الاخلاق في اقوالهم وقصائدهم حتى ان أحدهم يقول ان استمرارية بقاء الأمم وسيادتها هي الاخلاق حيث قال أحدهم
انما الأمم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
ان الطالب الجامعي له أهمية كبيرة في المجتمع والدولة، ويجب على الجامعة ان تهتم به وترعاه وتغرس الاخلاق في نفسه وتحرص على تعليمه وتنشئته وتربيته لكي تؤهله ليصبح عضوا نافعا في المجتمع لذا فأن الجامعة هي التي ترفد مؤسسات المجتمع بالقيادات المخلصة التي تؤدي واجباتها بأتقان وتتحلى بترسيخ الاحترام للقيم والمبادئ والالتزام بها في كل جوانب الحياة.
ان الطالب الجامعي المثالي هو ذلك الطالب المجد والخلوق الذي يكافح للحصول على المعارف والمعلومات رغم الصعوبات التي تواجهه فتجده رغم الظروف الحياتية الصعبة خلوقا مع اساتذته مطيعا لهم ومواظبا على المحاضرات متفتحا في عقله متسامحا مع جميع الناس حريصا على النقاش والحوار مع اساتذته في العلوم والمعارف والتربية متعاونا مع زملائه حريصا على وقته باحثا عن كل علوم جديدة في مجال الكلية التي ينتمي اليها بعيدا عن كل الخلافات التي لا تخدم العلم والتنمية.
ان الطلبة المثاليين هم الذين يقودون المجتمع في المستقبل وهم من يجب ان تحتضنهم مؤسسات الدولة بعد التخرج من الجامعة.
وتفرض الاخلاق على الطالب الجامعي ان تكون علاقته حسنة مع اساتذته فلا يخرج عن حدود الادب في التعامل معهم وعليه ان يوقرهم ويحترمهم كما لا بد ان تكون علاقته حسنة مع زملائه في الدراسة والوسط الجامعي والمجتمع ككل وان يحترم الأنظمة والقوانين وان يحرص على التزامه بالعلاقات الاجتماعية الجيدة المملؤة بالأخلاق الحميدة , لذا على الطالب الجامعي بعد تخرجه يجب ان يكون عضوا صالحا ونافعا في المجتمع لا يصدر عنه الا اعمال الخير التي يقوم بها ليخدم المجتمع الذي يعيش فيه وتعود هذه الاعمال بالنفع على أبناء المجتمع.