يتميز العصر الحديث الذي يعيش فيه بالتغيير المستمر والتطور السريع في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك المعرفة والحقائق العلمية التي تتغير وتتطور بسرعة مذهلة، وذلك نتيجة التطور المعرفي والتقدم العلمي، والاكتشافات الحديثة المتلاحقة، والتكنولوجيا المتقدمة، مما يؤثر بدوره في مختلف الانشطة الحياتية واهمها التعليمية.
ونظراً لما تتطلبه عملية التقدم العملي من المعلومات ، كان من الاولى الاهتمام بتطور برامج تدريب الاساتذة باعتبارهم حجر الزاوية في العملية التعليمية، لذا بدأت العديد من المحاولات من نتائجها رفع المستوى اداء الاساتذة في المهنة، وتوظيف كفاءتهم، وتوجيه مهاراتهم لمساعدة الطلبة على تحقيق اهدافهم لذلك اصبح من الواجب على المربين والتربويين والباحثين البحث عن الطرائق الملائمة لموالية التقدم العلمي و التكنولوجي، و إدارة العملية التعليمية بكافة مكوناتها ، والتحكم في طبيعة التفاعلات فيما بينها، والقيام بعملية تقييمها بشكل مستقر حتى يصلوا الى تحقيق الاهداف المطلوبة من ذلك.
ولهذا تتزايد الحاجة في الوقت الحاضر يوما بعد يوم الى تطبيق الفكر العلمي والاساليب العلمية والتقنية في تصميم الخطط والبرامج التعليمية، بهدف تحقيق تعليم أفضل وإداء اكثر كفاءة وفاعلية، بما يتناسب وقدرات الطلبة، وخصائهم في مختلف المستويات التعليمية.
و يُعد الاستاذ أحد عناصر المنظومة التعليمية و أهم مدخلاتها، فهو المرشد والموجه والمستشار والمشرف والمنظم للعملية التعليمية، و لم يعد مجرد ملقناً للمعلومات، و لذلك فأن نتاجات هذه المنظومة تتأثر تأثيرا كبيراً بمدى كفاءة الاستاذ، و طرائق إعداده و تدريبه أثناء الخدمة، مما يترتب عليه حاجة الاستاذ الى التمكن من الكفايات العامة و الخاصة اللازمة للقيام بمهام مهنته المتجددة والمتطورة من وقت لآخر في ظل التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي الذ يشهده العصر الحديث، وان حاجة الاساتذة الى التدريب اذناء الخدمة ضرورة من الضرورات الملحة لتلبية المطالب الاجتماعية والاجتماعية و الاقتصادية و التكنولوجيا و السيكولوجية والتربوية للأفراد و المؤسسات و المجتمع.
ان الكفايات كنموذج تربوي حديث أصبح بفعل قوة ملائمته لروح العصر يفرض نفسه داخل مختلف مجالات التربية والتعليم، وهذا النموذج يساعد على تكوين افراد قادرين على التكيف مع مختلف المستجدات العلمية والثقافية والاقتصادية، و لمواجهة مختلف التحديات المحتملة.
ومن جوانب التغيير و التجديد التي طرأت على نظم تربية الاساتذة التقليدية الى الاعتماد مفهوم كفاية ” competence “، حيث ظهرت حركة قوية تدعو الى إعداد الاستاذ و تدريبه على أساس الكفايات، و لقد نجحت هذه الحركة نجاحاً ملحوظا لأتساقها مع مفهوم التربية المستمرة و معطيات العصر الحديث.
فلقد ظهرت هذه الحركة عام (1968) مع ظهور برنامج خاص لتدريب الاساتذة، و لقد توالى ظهور البرامج التدريبية القائمة على أساس الكفايات، حتى صارت هذه البرامج من أبرز ملامح التقدم التربوي، و قد استخدمت هذه البرامج في تجديد و تطوير تأهيل الاساتذة أثناء الخدمة، و أمتدت حتى شملت معظم كليات إعداد المعلمين في امريكا.
لذا أصبحت حركة الكفايات تشكل مرتكزا اساسيا في عملية تدريب و إعداد الاستاذ، و أصبح الاعداد و التدريب يشكلان جزءاً اساسيا من التربية القائمة على الكفايات.
وبالرجوع الى برامج إعداد و تدريب الاساتذة في المعاهد و الجامعات في العديد من الدول العربية، تركز على إتاحة الفرصة أمام الطلبة لدراسة عدد معين من المقررات الدراسية تتضمن مجالات ثقافية عامة وتخصصية وتربوية ومهنية.
وتعد الدرجات التي يحصل عليها ( الطالب/ المعلم) في هذه الكليات، هي المعيار الوحيد الذي يتجدد به تأهيل (الطلبة/المعلمين)، لكن نجاح الطلبة في هذه المقررات، لا يعني بالضرورة انهم أصبحوا قادرين على إداء دورهم التعليمي بكفاية و فاعلية، و من ثم كانت أهمية حركة الكفايات التعليمية بتزويدها (الطلبة/ المعلمين) بمجموعة من الكفاءات العامة و الخاصة التي تؤهلهم للقيام بدورهم كفاية وفعالية.
من مصادر اشتقاق الكفايات قوائم تصنيف الكفايات، إذا يعتمد هذا المصدر على القوائم الجاهزة التي تشمل على عدد كبير من الكفايات التعليمية، بما يتيح إمكانية الاختيار من بينها بما يتلاءم مع حاجات البرنامج، في ضوء اختيار العدد المناسب من الكفايات التي تناسب البرنامج، وهي متواجدة ومتوفرة في العديد من الدراسات الاجنبية والعربية.
ورغم سهولة استخدام هذا إلا أن مشكلة استخدامه تكمن في أن النظرة الكلية لتحديد الكفايات قد تضيع في زحمة الكليات الكثيرة وغير المترابطة، ولعلاج ذلك لا بد من استخدام استراتيجية واضحة ومحددة يتم في ضوئها اختيار الكفايات التي تتناسب مع أهداف البرنامج، و لابد من ان تتسم بالتجريد.
تُعد برامج إعداد وتدريب الاساتذة على اختلاف انواعها و الفلسفات التي يقوم عليها في غاية الاهمية، و ذلك لتزويدهم بخبرات التعليم والتعلم اللازمة لنموهم المهني والشخصي، وذلك من خلال ما تقدمه لهم من معارف ومهارات واتجاهات وقيم.
و تقوم البرامج القائمة على الكفايات على ايجاد نوع من العلاقات بين برامج الإعداد والمهمات و المسؤوليات والواجبات التي سوف يواجهها الاستاذ في الميدان الحقيقي، وتهتم هذه البرامج بدفع كفاية جميع (الطلبة/المعلمين) الى أعلى المستويات والبعد بقدر الإمكان عن تخريج ذوي مستويات متوسطة أو ضعيفة.
إذاً لا بد للبرنامج الذي يركز على إكتساب الاستاذ التقنيات و التكنولوجيا يعتمد على مجموعة محددة من الكفايات من خلال مروره بمجموعة من الخبرات والانشطة التعليمية الخاصة بتصميم البرامج التعليمية التي صُممت بعد تحديد أهدافها بشكل سلوكي يمكن ملاحظته وقياسه، و يتضمن المعايير التي يتم في ضوئها تقويم المعارف والاتجاهات والمهارات و الحكم على وصوله إلى مستوى الاتقان المطلوب.
إن الهدف الرئيسي من البرامج القائمة على الكفايات هو تخريج المعلمين الكفؤين والقادرين على تعليم طلبتهم بفاعلية، والمعلم هو المحصلة الرئيسية لكل هذه البرامج والمعارف والمهارات والاتجاهات والقيم، والتي تسهم في تحسين وتحديث وتطوير العملية التعليمية، كما تستهدف مساعدة المعلم في تحقيق الكفايات التي يشعر بأنه في حاجة اليها في عمله المدرسي ليتسنى له القيام بالدور الذي يتوقع أن يقوم به.
البرامج التعليمية القائمة على الكفايات”
- Home
- البرامج التعليمية القائمة على الكفايات”