يمكن القول بان الحياة وظروفها تتغير باستمرار ولا تبقى ثابتة لا يمسها التجديد وهذا التغير الذي يحدث لا يقتصر على الانسان وحده وانما يمتد الى كل شيء حوله فالتغيير سمة اساسية من سمات الكون كله ولا تختلف المجتمعات البشرية في طبيعتها عن ذلك فغير موجود ذلك المجتمع الثابت الذي يعاني تغيرا فأي مجتمع يتغير في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كما قد يتغير في الثقافة والعادات والتقاليد والقيم وانماط سلوك الافراد الذين ينتمون اليه. ان التغير الذي يحدث في المجتمع قد يتم بخطوات وطيدة فيكون نموا وقد يكون متدرجا فيكون تطورا وقد يكون في قفزات كثيرة فيكون تقدما نوعيا وطفرة علمية ولا يلحق التغيير بكل عناصر المجتمع وانما قد يكون اكبر واعمق في العناصر المادية منه في العناصر المعنوية والفجوة التي تظهر عن ذلك قد يترتب عليها ما يعرف بالتأخر الثقافي وقد ادى تطور الاتصالات والمعلومات وعولمة الاقتصاد والسياسة التي شهدها العالم مؤخرا الى تغييرات ثقافية وقيمية واجتماعية تزداد كل يوم وتيرتها وتأثيرها على كل مجتمعات العالم وتشكل هذه احدى اهم التحولات والتغيرات التي اثرت وستؤثر في تشكيل مجتمع القرن الحادي والعشرين ومن ثم معالم وتوجيهات المؤسسات التعليمية والعلمية والثقافية فيه. لقد ادرك المسؤولون عن الانظمة التربوية والتعليمية في البلدان العربية الى هذه التحديات والتغيرات فقاموا بطرحها للمناقشة من خلال الندوات واللقاءات والمؤتمرات في عموم البلدان العربية ولقد ظلت المؤسسات التعليمية دائما تابعة ووليدة للمجتمعات تتابعها في حركاتها العامة ولذلك فان اية محاولة لتحديد معالم المؤسسات التعليمية في القرن الحادي والعشرين لابد ان تقدم على اساس تحديد طبيعة وشكل مجتمع القرن الحادي والعشرين في سياقاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. ان العصر الذي نعيشه هو عصر التقدم التكنولوجي وعصر التغير المتسارع وعصر الانفتاح الاعلامي الثقافي الحضاري العالمي والتطور التكنولوجي هو من اهم خواص القرن الذي نعيشه والذي يعتمد على المعرفة العلمية المتقدمة والاستخدام الامثل للمعلومات المتدفقة بمعدلات سريعة ومنذ بداية التسعينات من القرن العشرين بدا هذا التطور يحدث تغيرات اساسية في الطريقة التي ينظر الناس بها الى ادوارهم واسلوب التعامل مع بعضهم البعض والى التعامل مع الاحداث القريبة والبعيدة واصبحت القوة والغنى والتقدم تقاس بمقياس واحد هو الاندماج في الحضارة العلمية والاخذ بمعطيات تطور المعلوماتية وابرز جوانب تطور المعلوماتية هو الجانب الخاص بالتطورات المدهشة في عالم الحاسوب فهو لا يزداد سرعة وكفاءة فحسب بل يزداد تخصصا ورخصا وصغرا وانتشارا واستخداما ويتحرك من المغناطيسي الى الضوئي الى الرقمي ومن الثابت الى المتحرك ومن الجامد الى الناعم ومن المادة الى الخلية العضوية. ويؤثر تطور المعلوماتية بشكل مباشر على التعليم فالتطور المعرفي المتمثل في الزيادة الكمية والنوعية في المعرفة وفروعها يحتم على المؤسسات التعليمية ان تعيد النظر في اسس اختيار وتخطيط وبناء المناهج والمحتوى الدراسي واساليب التعامل مع المعرفة. كما ان الوسائل التكنولوجية المتعددة ستمكن من انتاج المنهج الدراسي الجماعي لهذا كان لزاملا على كل مجتمع يريد اللحاق بالعصر المعلوماتي ان ينشئ الاجيال على تعلم الحاسوب والتعامل مع تقنياته ويؤهلهم لمجابهة المتغيرات المتسارعة في هذا العصر وقد قامت بعض الدول بوضع خطط استراتيجية تعمل على جعل الحاسوب وشبكة الانترنت عنصران اساسيان في المنهج التعليمي. ويمكن ان نستنتج من ان التغيرات التكنولوجية والاجتماعية والثقافية وغيرها والتي تحدث بصفة مستمرة في كل مجتمع سواء كان هذا التغيير ا ام سريعا بدليل تغير العلم وظهور فلسفات جديدة وكذلك النظام الاسري وتطلع الامم الى الاستقلال والحرية وتغيير المجتمعات في عاداتها وقيمها ونظمها ومما لا شك فيه ان كل هذه التغيرات تدل على ان الطلبة يواجهون في وقتنا الحاضر عالما يختلف عما واجهه الكثير من الطلبة فيما مضى لذلك فان ما كان مناسبا لأولئك الطلبة في الماضي لم يعد ولن يصلح لطلبة العصر الحاضر وهذا ما يدعوا الى تطوير المناهج الدراسية بصفة مستمرة بحيث تستطيع ان تواكب التطورات والتغيرات المستمرة. ان المنهج الدراسي الناضج هو الذي يأخذ بعين الاعتبار كل ما يستجد في المجتمع من مواقف ومشكلات وحاجات وادوات جديدة ينقلها الى الطلبة في قالب علمي جذاب وحتى يبقى المنهج متطورا او قابلا للتطور لا بد وان يكون مرنا يسهل تكييفه وتعديله كلما دعت الحاجة كما ان على المنهج لدراسي ليكون ناجحا ان يعمل على : * تكوين العقلية المتفتحة التي تؤمن بأهمية التطوير وحتميته ولا تتمسك بالقديم لمجرد انها لافته وتعودت عليه.
*اعدادات القيادات الذكية الواعية التي تمكنهم من العيش في مجتمع ناهض متغير وتساعدهم على سرعة التكيف والتوافق مع المجتمع وثقافاته المتعددة.
*العمل على تكوين اوجه التقدير الملائمة للطلبة كتقدير اهمية العلم وجهود العلماء باعتبارها من ابرز عوامل التغيير في المجتمعات وتقدير اهمية التمسك بالقيم الدينية والقيم الاجتماعية السامية.