ان السلوك الانساني لا يكون عشوائيا وانما هو نتيجة لبعض الانواع من الدافعية الداخلية وهذا لا يعني امكانية التنبؤ بجميع انماط السلوك الانساني وانما يعني ان بعض الاسباب التي تقود الى هذا السلوك معروفة وهناك اسباب اخرى للسلوك غير معروفة.
لذا فان الدافعية تتعامل مع ظروف داخلية لا يمكن ملاحظتها ولا عزلها بهدف التحليل المادي ، فعلى سبيل المثال : ان دوافع الجوع والامن والجنس لا يمكن رؤيتها وان ما نلاحظه فعليا هو السلوك الناتج من هذه الدوافع الداخلية فالأكل والشرب والتحدث وتشغيل ماكينة هي انماط سلوكية يمكن ملاحظتها ، الا ان الدوافع التي تقود الى هذه الانواع من السلوك يمكن استنباطها فقط ، ويمكن القول باننا نحاول القيام بتخمينات ذكية عن سبب حدوث بعض الافعال ، لذا فان الدافعية هي زيادة دقة الاستنتاجات عن الناس في مواقف الاعمال التي يقومون بها.
ان الدافعية والسلوك مفهومان مختلفان في المعنى فالدافعية عامل مهم في تحديد السلوك ، بينما العديد من المؤثرات الاخرى مثل : العوامل البيولوجية والاجتماعية والثقافية والتنظيمية وغيرها لها الدور الكبير في تحديد السلوك.
لذا فان السلوك الانساني موجه نحو تحقيق مجموعة من الاهداف ، وهذه الاهداف لا تتحقق بدون وجود الدافعية لدى الافراد ، وخاصه دافعية الانجاز لاشباع مجموعة من الحاجات ، فالعامل والموظف الذي يطمح الى تحقيق حاجة اجتماعية في المؤسسة التي يعمل فيها تتولد لديه دوافع داخلية لكسب المزيد من الاصدقاء وعليه ان يحقق المزيد من الانجازات ، ويتطور لديه هذا الشعور لديه ليصبح على هيئة هدف يهيمن عليه ، ويكون سلوكه متوجها نحو الحصول على ترقيه والتدرج الى وظيفة اعلى ، وكذلك الطالب لابد ان تكون له مجموعة من الدوافع لإشباع حاجاته ورغباته وميوله في المدرسة والجامعة ، و الذي يحقق اشباع هذه الحاجات والرغبات والميول لدي هم المدرسون في المدارس واعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات وكلياتها من خلال اساليب التعامل الجيدة ، وتوفير البيئة الاجتماعية المناسبة ، والقيام بالأنشطة المختلفة وتقديم التغذية الراجعة والاهتمام بالجوانب المادية والبشرية في تحقيق الدافعية العليا لتحقيق الانجاز والنجاح الاكاديمي ، وعند ذلك فلا بد للطالب ان يتمكن من اشباع حاجة التقدير بين زملائه.
ان الاهداف لا تسيطر على السلوك وانما تؤثر فيه ، وتعطي للفرد توجها في محاوله اشباع حاجاته وميوله من خلال الدوافع الداخلية لديه وان جاذبيه الهدف ترتبط بكميه الاحباط التي تسببه الحاجات غير المشبعة لدى الفرد ، فقد لا يكون نجاح الطالب في الدراسة هدف مغريا ، وقد يكون هدفا مشعبا وفرديا ولكن يحتاج الطالب الى التفوق العلمي على زملائه وهذا بمثابه تحد له ، ومهما كان الهدف فانه يستمد جاذبيته من الحاجات التي يشبعها عن طريق دوافعه الداخلية.
عندما يشبع الانسان حاجة معينه تظهر اخرى لذلك فانه في سلسلة غير منتهية لإشباع الحاجات ويناضل دائما لتحسين جهوده وتطويرها ، فالحاجة التي تم اشباعها لم تعد دافعا ، اذ بعد ان يشبع الحاجة ، لا تكون لديه دافعية لتوجه السلوك نحو الاهداف المرتبطة بها.
ان بعض الافراد يبدون رغبة كبيرة في الانجاز وفي كل مجال نرى بعض الافراد يبدون دافعية والتزاما ونجاحا اكثر للوصول الى القمة بشكل افضل من زملائهم من خلال دافعية الانجاز لديهم ، ولا بد من تحديد دافعية الانجاز بوصفها حاجة انسانية متميزة تتباين في درجة قوتها بين الناس.
ان احد الجوانب المهمة لسلوك الافراد الذين لديهم دافعية انجاز عالية هو انهم يختارون الاهداف الممكنة التحقيق والتي تثير التحدي لديهم وقد وضح ( مكسيلاند mccelland) هذا السلوك من خلال القيام بتجربته حيث طلب فيها من الافراد رمي حلقات على وتد من اية مسافة يختارونها بأنفسهم ، لقد تباين معظم الافراد في اختيار المسافة ، فقد تم رمي بعض الحلقات من مسافة قريبة جدا ، وتم رمي بعضها من مسافة بعيده جدا ، واختار الافراد الذين لديهم دافعية انجاز عالية مسافات اعتقدوا انها تحقق نجاحا من حيث التحدي والتحقيق ، ونحن نرى هذا السلوك عندما يبدا الافراد بممارسة العمل لابد من وضع اهداف واقعية وممكنة التحقيق.
وهناك خصيصة اخرى للأفراد ذوي دافعية الانجاز العالية تتمثل في انهم اكثر اهتماما بالإنجاز نفسه من اية مكافآت تنتج عن نجاحهم ، وان المكافآت التي قد تنتج عن تحقيق الاهداف لا ينظر اليها على انها اساسية لدافعية الانجاز ، وان هؤلاء الافراد لا يرفضون قبول المكافآت لكنهم يحصلون على اشباع حاجاتهم نتيجة حلهم للمشكلات بشكل اكثر من حصولهم على الثناء او المكافآت المالية، ان قيمة المال لهؤلاء الافراد هي في تمثيلها لمقياس الاداء ، ولا يعدل هؤلاء الافراد سلوكهم من اجل الحصول على المال او المكافئة انما همهم الوحيد هو التفوق في العمل.
ويقضي الافراد من ذوي دافعية الانجاز العالية وقتا اكثر من اقرانهم ذوي دافعية الانجاز المتدنية في التفكير بأداء الانجازات ذات المستوي العالي ولهذا فان الناس عندما يبدأون بالأمور المتعلقة بالإنجاز تزداد مستويات ادائهم ، وان دافعية الانجاز العالية تؤدي الى تركيز الفرد على المستويات العليا للأداء وتركيز السلوك على تحقيق الاهداف.
يتأثر مستوى دافعية انجاز الفرد بتوقعات الافراد الذين يعمل معهم ، فمثلا في الجانب التربوي والتعليمي ان مستويات توقع اولياء الامور عن ابنائهم تؤثر في مستوى دافعية الانجاز التي يطورها الابناء في الانجاز الاكاديمي ، وبالطريقة نفسها يتأثر مستوى دافعية انجاز العمال بتوقعات الادارة التي ينتمون اليها ، فاذا توقع المدراء بان العمال يظهرون المبادرة في اعمالهم ويحلون مشكلات العمل بأنفسهم ، يميل هؤلاء العمال الى تطوير مستويات اعلى لدافعية الانجاز.
ان نتائج البحوث التي اجريت في مجال الدافعية تؤكد ان دافعية الانجاز يمكن تطويرها وزيادتها لدى الافراد ، فقد كان هناك العديد من برامج
التدريب الناجحة في زيادة دافعية الانجاز لكل من المدراء والموظفين ، وان البيئة التنظيمية التي تقدم فرصا كافية للأفراد لوضع ومتابعة الاهداف الممكنة التحقيق والمثيرة للتحدي ، وتقدم سلوكا اداريا مساندا تكون مهمه جدا في تطوير دافعية الانجاز.