ان عملية التنشئة الاجتماعية تبدأ من الطفولة وتستمر مع الانسان لمراحل حياته, لذلك مسؤولية التنشئة الاجتماعية لا تقع على مؤسسة بذاتها, بل تساهم العديد من الوسائط او المؤسسات في هذه العملية, ومن هذه الوسائط الاسرة, الروضة, المدرسة, الرفاق, دور العبادة, الاندية, ووسائل الاعلام, وغيرها من الوسائط التي يتفاعل معها الانسان ويكتسب منها المهارات والمعارف والقيم, ويتعلم من خلالها الادوار الاجتماعية التي يتوقعها منه المجتمع, وفي مقدمة تلك الوسائط هي المدرسة باعتبارها من الوسائط المهمة في التنشئة الاجتماعية. فالمجال المدرسي مجال تربوي ونفسي واجتماعي حيث تلتقي فيه المتغيرات السيكولوجية الخاصة بالطفل من حاجات واهداف ومدركات مع المتغيرات الاجتماعية من منظومات القيم الثقافية والمعايير الاجتماعية مع الظواهر التربوية التعليمية, وان عملية التعلم والتعليم في المدرسة لا تتم الا من خلال عملية التفاعل الاجتماعي. والمدرسة باعتبارها احد الوسائط الخاصة بالتنشئة الاجتماعية ليست هي اول مؤسسة تقوم بهذا الدور بل تعد الاسرة هي المؤسسة الاولى التي تقوم بالتنشئة الاجتماعية للطفل منذ ولادته , ولذلك فان المدرسة في علاقتها بالتنشئة الاجتماعية لها الدور الكبير والمسؤولية الأولى في الاستمرار بعملية التنشئة الاجتماعية, حيث تعمل على احلال معايير واتجاهات وقيم معينة عوض معايير واتجاهات وقيم اكتسبها الطفل في مرحلة سابقة على الالتحاق بالمدرسة. وتلعب المدرسة دورا بارزا في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل لأنها تزود الطفل او الطالب بالمعلومات والمعارف والخبرات والمهارات اللازمة له, وتعليمه كيفية توظيفها في حياته العملية, وكيفية استخدامها في حل مشكلاته وتنمية نفسه وشخصيته ومجتمعه, اذ يعد هذا جزءا مهما في العملية التعليمية والتنشئة الاجتماعية, وهذا ما يجعل للتعليم قيمة ومعنى واثرا في حياة الطفل حاضرها ومستقبلها. يجب تهيئة الطفل تهيئة اجتماعية من خلال نقل ثقافة المجتمع وتبسيطها وتفسيرها اليه بعد ا تعمل على تنقيحها وتنقية عناصرها التي يمكن تقديمها لطفل, وبذلك لا تعمل المدرسة على نقل قدر كبير من المعارف والمهارات الى الطفل فحسب, وانما تنقل اليه ايضا منظومة واسعة من القيم والمعايير والعادات والتقاليد وغيرها التي تساعده على التكيف مع مجتمعه, واقامة علاقات ايجابية مع الاخرين, كما تضمن التهيئة الاجتماعية تعليم الطفل منهج حل المشكلات واكسابه المهارات والوسائل الفنية لحل المشكلات كجزء مكمل للعلية التربوية. ان اعداد الطفل للمستقبل يعتمد على المدرسة التي تقوم بتعريف الطلبة بالتغيرات والمستجدات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية وغيرها التي تواجه مجتمعهم, وتفسيرها لهم, ونقدها, وبيان ايجابياتها وسلبياتها, ومساعدتهم فهمها واكسابهم المرونة للتكيف معها, ومهارات اتخاذ القرارات والنقد والتمحيص والتمييز , وتنمية المسؤولية الخلقية والاجتماعية لديهم, وتشجيعهم على تحمل المسؤولية في مواجهة التحديات التي تواجه مجتمعهم. ان تعليم الطفل المعلومات والمهارات المتعلقة بالطريقة التي يعمل بها المجتمع او التي ينبغي ان يعمل بها ,مما يؤدي الى اعداد الطفل للتصرف وفقا للأدوار التي يقوم بها العضو الراشد في المجتمع, فعن طريق توسيع دائرة الطفل يتعلم اعداد نفسه لكي يقوم بمختلف الادوار التي يقوم بها الراشد, كما يعرف ما ينتظر من الاشخاص الذين يشغلون مراكز مختلفة في المجتمع. يجب مساعدة الطفل على اكتساب الاتجاهات والمعارف والانماط السلوكية التي تشعره بان هوية واحدة تجمعه مع اقرانه في المدرسة بصورة خاصة وافراد المجتمع بصورة عامة. لذا فان المدرسة تهتم بميول الاطفال ورغباتهم وحاجاتهم وقدراتهم واستعداداتهم وبالفروق الفردية بينهم, وتعمل على اكتشاف الموهوبين والمبدعين فتقوم برعايتهم او تحويلهم الى مراكز خاصة برعاية الموهبة والابداع ,وان المدرسة تكتشف المتأخرين والضعفاء وتحويلهم الى مراكز خاصة بهم.. هكذا هو دور المدرسة الايجابي في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال والذي يفوق كل ادوار الوسائط الاجتماعية الاخرى.
دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية
- Home
- دور المدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية