
تعد الطفولة من اهم المراحل التي يمر بها الفرد فهي تشكل له الكثير من المعلومات والمعارف والاتجاهات والقيم والمبادئ , وبقدر ما يجده الطفل في هذه المرحلة من رعاية واهتمام من قبل القائمين على تربيته بقدر ما يتحقق له النمو السليم في المراحل الاخرى كمرحلة المراهقة والرشد. ان ما يلقاه الطفل من خبرات سارة ومريرة وقاسية تؤثر على حياته , فتربية الطفل تربية صحيحة وسليمة تقوده الى الطريق السوي البعيدة عن المشاكل والصعوبات اما اذا كانت تربية الطفل غير سليمة فسيتعرض الى العديد من المشكلات السلوكية التي تؤثر على حياته. ان مرحلة الطفولة من اهم مراحل النمو الاساسية التي لها الدور الكبير في تكوين وبلورة الشخصية الانسانية للطفل وخاصة مرحلة الطفولة الوسطى التي تؤثر عليها ظروف الحياة المنزلية ومشاكل الحياة الاسرية التي من الممكن ان تؤثر على سلوك الطفل. يعد التحاق الطفل بالمدرسة نهاية فترة عمرية بالنسبة له, وبداية فترة عمرية اخرى جديدة عليه على المستوى الاجتماعي والنفسي والمدرسي, وهذه جديدة بالنسبة له , لذا نجد ان الاطفال في بداية التحاقهم بالمدرسة يشعرون بالانزعاج والقلق والتوتر والخوف لأنها تبدو لهم عالما جديدا في حياتهم فبعد ان عاش الطفل في كنف الام والاب والمنزل يعيش عالما جديدا يبعد جغرافيا عن منزله وبعيدا عن الاهل والاقارب والجيران ومن المعروف ان دور المدرسة كبير في التربية والتنشئة وتسهم كثيرا في نمو شخصيات الاطفال. ان التربية الخاطئة للأطفال من قبل الوالدين تقودهم الى سلوك الخوف, ومن الاسباب الاساسية في زرع الخوف في نفوس الاطفال المعاملة الوالدية الجيدة بالتدليل المفرط او المعاملة الوالدية السيئة باستخدام القسوة والعنف والتي تجعل الاطفال في عدم الاستقرار في حياتهم بحيث ينتابهم القلق والاضطرابات والانفعالات النفسية وتهتز الثقة في نفوسهم من خلال هذا التعامل الاسري المتباين. وتعد السنوات الاولى في حياة الفرد من اهم الفترات , بل هي الدعامة الاساسية التي تقوم عليها حياته النفسية والاجتماعية وفي خلالها يتقرر ما اذا كان سينشأ على درجة معقولة من الامن والطمأنينة او سيعاني من القلق النفسي والخوف ذلك لان اية خبرة نفسية وجدانية مخيفة يصادفها الانسان في طفولته تسجل في نفسه وتظل هائمة فيها وقد يستعيدها لا شعوريا في كبره فيشعر بالخوف وقد تسقط مشاعرها على المواقف والخبرات المشابهة فيخاف. ومن المعروف ان الطفل في مرحلة الطفولة الوسطى تصبح بالنسبة له حدث مهم في حياته الا وهو الدخول الى المدرسة. وفي هذه الحالة ينتقل الطفل من البيت الى المدرسة ويعد هذا مجالا مهما في حياته لذا فأن من اهم المجالات الحياتية بالنسبة للأطفال الى جانب الاسرة منذ اللحظة الاولى لالتحاق الطفل بالمدرسة, وتحتل الحياة المدرسية الجزء الاكبر من حياة الطفل وتؤثر على سلوكه. ويعتقد العديد من التربويين ان الطفل يولد مزودا بغريزة الخوف لكن الدراسات الحديثة تشير الى ان الخوف عند الطفل لا يبدأ قبل الشهر السادس ولا يكون في هذا السن واضحا او محددا, واكثر ما يبدو ذلك بتأثير الاصوات العالية واضاعة التوازن. والطفل في الوسط المدرسي يمكنه ان يصادف ايضا مشكلات اخرى جديدة بالإضافة الى المشكلات القديمة التي صادفها مع اسرته, ويؤكد التربويون ان الطفل في المرحلة الابتدائية يواجه الكثير من المشاكل والصعوبات اثناء الدراسة, حيث ان هذه الصعوبات تؤثر في عملية التعليم والتعلم , سواء كانت مشاكل نفسية او اجتماعية او دراسية او تحصيلية والتي تلعب دورا مهما في التحصيل الدراسي. ولهذا ان المخاوف الشديدة والكثيرة الانتشار والتكرار والتي ترتبط بأنماط سلوكية معينة (كالبكاء , والانسحاب, والتماس المساعدة) لا تتفق ولا تتناسق مع السلوك المتزن الفعال, وقد تكون بعض مخاوف الاطفال من هذا النوع, وبذلك يمكن ان تكون اكبر عائق يقف في سبيل نموهم الصحي. لذا ان سلوك الخوف لدى الاطفال يعد من المخاوف التي تقودهم الى عدم التكيف في المدرسة مع انفسهم ومع زملائهم, ولا بد من ان نطلق عليه المخاوف المرضية من المدرسة, حيث يعبر الاطفال فيها عن خوف شديد من الحضور المدرسي الذي يرجع الى بعض الاعراض الجسمية والاجتماعية والنفسية, وتبقى جملة الاسباب لهذا الاضطراب متعددة ومنها اسباب خاصة تتعلق بشخصية الطفل او البيئة الاسرية التي يعيش فيها او بعض الاسباب التي تعود الى المدرسة كمؤسسة مركبة ومعقدة بالنسبة للطفل وينعكس ذلك سلبيا على جوانب النمو المختلفة لديه مثل صعوبة التفاعل والتكيف مع الاخرين ,بالإضافة الى الاضطرابات النفسية والسلوكية العديدة وهناك بعض الصعوبات المدرسية لدى الطفل والتي تتمثل في فقدان الامن والشعور بالقلق والاضطراب والذي يجعله من جانب نفسي ودراسي يميزه الخوف من المدرسة. لذا اخذت مشكلة الخوف المدرسي طابعا عالميا اذ هناك الكثير من الدراسات والبحوث التي اجريت في العديد من الدول على الاطفال الذين يعانون من الخوف المرضي من المدرسة في البيئة الاجنبية تباينت نتائج هذه البحوث والدراسات حول نسبة انتشار هذه الفئة من المجتمع المدرسي اذ اشارت احدى هذه الدراسات الى ان نسبة الاطفال الذين يعانون من الخوف المرضي من المدرسة بلغت لدى تلامذة المرحلة الابتدائية في الدول العربية بنسبة(20%) منهم.