الاستاذ الدكتور
رياض حسين علي
ان العمل الانساني له قيمة انسانية كبرى تتمثل في العطاء والبذل بكل انواعه فهو سلوك حضاري كبير لا يحدث الا في المجتمعات التي يسودها التقدم والحضارة والثقافة والوعي والمسؤولية ، فالعمل الانساني والتطوع يلعب دورا مهما وايجابيا في تطوير المجتمع وتنميته فمن خلال المؤسسات المدنية والتطوعية الخيرية تعطي الفرصة لكافه الافراد للمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي كما يساعد العمل الانساني التطوعي على تنمية الاحساس بالمسؤولية لدى المشاركين ويشعرهم بقدرتهم على العطاء وتقديم الخبرة والنصيحة في المجال الذي يتميزون فيه.
لعبت الخدمات التطوعية الخيرية دورا كبيرا في نهضة العديد من الحضارات والمجتمعات ونشر الافكار عبر العصور لانها تقوم بعمل خال من الربح والفائدة بعيدا من انه مهنة بل هو عمل يقوم به الافراد لصالح المجتمع الذي ياخذ اشكالا متعدده في المساعدة الذاتية وصولا الى التجاوب الاجتماعي في اوقات الشدة ومجهودات الاغاثة وحل النزاعات وتخفيف اثار الفقر ويشمل ذلك المجهودات التطوعية المحلية والقومية وكذلك منها التي توجه الى خارج الحدود .
ان العمل الانساني التطوعي له اهمية بارزة في السياق الفكري الاجتماعي وتستمد اهميتها من اتصاله الكبير في المجتمع المدني حيث تظهر وظائفه ودوره في برامج الحركات الاجتماعية وتطور المجتمعات
ان العمل الانساني التطوعي هو عمل خال من الربح والفائدة حيث يقدم المتطوع في العمل الانساني التطوعي الى تغليب (الايثارية على الانانية ) (والبذل على الكسب )في معالجة المشاكل الحياتية للجماعات الاجتماعية فما يقوم به المتطوعون من بذل الوقت والمال والجهد لصالح المجتمع في شتى ميادين العمل الانساني التطوعي والخيري لا يريدون من جراء ذلك مقابلا.
لا زالت للقيم الاجتماعية وعلى راسها الدينية المتاصلة في المجتمع العربي الاسلامي لها الدور الاساسي في تعميق العمل الانساني التطوعي حيث امتاز الدين الاسلامي بانه لا يفصل بين مساعدة الناس بمفهومها الانساني التطوعي وبين الصدقه ، ومن هنا كان العمل الانساني التطوعي هو المواءمة بين الصدقة والتطوع لذا لابد ان نفرق بين العمل الانساني والعمل التطوعي ومن المعروف ان العمل الانساني وتطبيقاته في التراث الاسلامي يشمل كل المعاني والتطبيقات التي لها علاقة بمفهوم العمل التطوعي.
يقوم المتطوعون بدور مهم وكبير في رعاية وتطوير الدول المتقدمة والنامية من خلال البرامج القوميهدة في مجال المساعدات الانسانية والتعاون التقني وحقوق الانسان وتحقيق الديمقراطية كما يشكل العمل الانساني التطوعي العديد من النشاطات التي تقوم عليها المنظمات غير الحكومية وفيها الروابط الحرفية والاتحادية والمنظمات المدنية بالاضافة الى العديد من المشاريع في مجال محو الامية والتطعيم ضد الامراض وحماية البيئة والتي تعتمد على الاعمال الانسانية التطوعية.
يرتبط العمل الانساني التطوعي بالتنمية الشاملة من خلال العديد من تلك الاعمال والبرامج التي تستهدف الانسان وتهتم به كفرد ينتمي الى الاسرة ومن ثم يمتد الى المجتمع ، هذه الحلقات الثلاث مترابطة مع بعضها فصلاح الاسرة.
يجب ان يحدث العمل الانساني التطوعي التاثيرات والتغييرات في المجتمع باتجاه التنمية الشاملة فهي ليست القيام بمجهود مبذولة لانقاذ مصاب او علاج مريض او اموال تنفق في سد رمق المحتاجين بل انه خطه للعمل الانساني التطوعي التي يجب ان تكون في تنمية بناء المجتمع فردا واسرة من خلال التخطيط للبرامج الموجهة الى كل الفئات.
تقوم المنظمات المدنية والهيئات الخيرية بالعناية بالفقراء (اطفالا ونساء ورجالا) من مختلف الفئات العمرية ويجب ان تكون المساعدة ايجابية لتأهيل الفرد للاعتماد على نفسه مع مراعاه كبار السن فلا بد من تقديم المساعدة لتاهيل الاطفال اليتامى للنهوض بانفسهم والاعتماد على قدراتهم ويجب ان تشمل كفالتهم الرعاية الصحية والتربوية والتعليمية فلا بد من ان يستفيد اليتامى واسرهم من تلك الخدمات وكذلك رعاية الطلبة المحتاجين في توفير ما يحتاجون اليه من فرص عمل من خلال التخصصات المطلوبة في حاجات المجتمع وكذلك الاهتمام بالمراة والرجل وايضا توفير الاعمال الحرفية للمعوقين التي تمكنهم على التدريب والتاهيل للنهوض بانفسهم وتوفير البرامج الارشادية لرعايتهم والاهتمام بهم.
ان هناك علاقه بين التنمية وجذورها في المجتمع والعمل الانساني التطوعي وان التنميه تنبع من الانسان الذي يعد من الوسائل الاساسية لها ، والذي لابد ان نرتقي به في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية لذا فأن التنمية تقوم على الجهود البشرية التي تعتمد على كيان الانسان القادر على المشاركة في عمليات التنمية.يسهم العمل الانسان التطوعي في تحقيق العديد من الاهداف فهو يساعد بتخفيف تكاليف الانتاج ويحقق الهدف المنشود وهو زيادة الانتاج ومع تزايد احتياجات افراد المجتمع من السلع والخدمات وصعوبة الحصول عليها فلابد من الاعتماد على جهود المتطوعين لتوفير قسم كبير من هذه الاحتياجات.
ان هناك طاقات مهدورة وغير مستخدمة في العديد من المجتمعات لذلك فان العمل الانسان التطوعي يجمع هذه الطاقات ويسخرها لخدمه البناء والتنمية الاقتصادية من خلال المؤسسات والمنظمات المدنية والهيئات الخيرية.
تولي الدول المتقدمة اهمية خاصة للعلاقة الوثيقة بين العمل الانساني التطوعي والقدرة على زيادة فعالية الموارد الاقتصادية لذا لابد ان يتم الاعتماد بشكل كبير على العمل الانساني التطوعي في حث المؤسسات والمنظمات المدنية بتهيئة الكفاءات المتعدده لتسهم بأوقات محددة بالعمل الانساني التطوعي والاستفادة من خبراتهم المختلفة في مجموعة من المجالات والانشطة لتزيد من رفاهية المجتمع.