الطفولة مرحلة مهمة وحساسة في حياة اي انسان حيث يولد الطفل ضعيفا وعاجزا عن ممارسة شؤونه الخاصة ويصبح بحاجة الى رعاية وعناية خاصة.
يختلف مفهوم الطفل من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية فيقول (الجوهري) في صحاحه مدلول الطفل بمعنى المولود وجمعه اطفال وقد يكون الطفل واحدا وجمعا, اما (ابو الهيثم) فقد حدد مدلول الطفل على انه كل صبي من حين يسقط من بطن امه الى ان يحتلم , وقد ذكر (ابن منظور) في لسان العرب الطفل والطفلة الصغيرين هذا ويعني مفهوم الطفل كما ورد سابقا بأنه الولد حتى البلوغ والطفولة هي الفترة الواقعة بين الولادة والبلوغ.
اما من الناحية الاصطلاحية فقد اختلفت النظرة الى الطفل باختلاف العلوم والمعارف ففي علم النفس ينظر الى الطفل على وفق معنيين اولهما معنى عام وينطبق على الافراد من سن الولادة حتى النضوج وثانيهما معنى خاص يطلق على الاعمار فوق سنوات المهد حتى المراهقة.
وتبدأ الطفولة في علم الاجتماع بالميلاد ولكنهم اختلفوا في تحديد الفترة الزمنية التي تنتهي بها هذه المرحلة حيث ان هناك عوامل مؤثرة في ذلك تتعلق بالنمو والتطور الخلقي , وبقصد بالطفل من وجهة نظر القانون بأنه انسان كامل الخلق والتكوين حيث يؤكد مزودا بالقدرات والحواس والصفات البشرية والانسانية , وقد كرم الله الانسان فوهبه العقل والقدرة على الابداع حيث قال تعالى(ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) وهذا الانسان الذي كرمه الخالق جلت قدرته له حقوق نابعة من طبيعته البشرية ملازمة له بوصفه انسانا وهي غير قابلة للتصرف ولصيقة به نصت عليها الشرائع السماوية والتشريعات الوضعية.
وتعد الطفولة مرحلة مهمة وحساسة في حياة اي انسان حيث يولد الطفل ضعيفا وعاجزا عن ممارسة شؤونه الخاصة, ويصبح بحاجة الى رعاية وعناية خاصة الامر الذي يقتضي معرفة ما لهذه الفئة من بني البشر من حقوق خاصة وضمانات يتوجب حمايتها من اي انتهاك قد تتعرض له بمرور الزمن.
ومن المعروف ان حقوق الاطفال وحمايتها قد نالت صور متفاوتة من الاهتمام والرعاية في ظل الحضارات القديمة حيث لم يعد الاطفال ذوو قيمة انسانية كاملة وكرامة اصيلة وقد وصل الامر الى حد وادهم (قتلهم) بسبب صعوبات العيش وقسوة الحياة التي تتطلب الابقاء على الرجال فقط كونهم الاقدر على مجابهة الحياة الصعبة ولم يبدأ الاهتمام بالأطفال كفئة اجتماعية مستقلة الا منذ بداية القرن الثامن عشر .
لذا قرر الاسلام منذ ما يزيد على (14) قرنا حق الطفل في الحياة, فحرم وأد (قتل) البنات والذي كان سائدا في الجاهلية قبل الاسلام ويؤكد على ذلك قوله تعالى(واذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت) سورة التكوير الآية 8-9, كما نهى النبي محمد صل الله عليه وسلم عن قتل الاطفال في المعارك وعدم زجهم في الصراعات العسكرية والاقتصادية والسياسية وتأمين بيئة مناسبة لهم تكفل النمو الصحي لهم.
واكد الاعلان الاسلامي لحقوق الانسان على حق الطفل في الحياة, والذي يعد هبة الله وان حق الحياة مكفولة لكل انسان وحتى الطفل وعلى الافراد والمجتمعات والدول حماية هذا الحق من كل اعتداء عليه ولا يجوز ازهاق روح دون مقتضى شرعي .
وتضمن اعلان جنيف لعام 1924 مبادئ اساسية ومن بينها ان على البشر ان يعطوا الاطفال افضل ما لديهم وبصرف النظر عن الاعتبارات العرقية والمدنية والفروق الدينية كما اكد الاعلان على حق الطفل في النمو الجسدي والطبيعي ماديا وروحيا اما البند الثاني منه فقد اولى الطفل الجائع عناية خاصة وكذلك الاهتمام بالطفل المريض والاهتمام بالطفل المعوق ووجوب ان يكون الطفل اول ما يتلقى المساعدة في الظروف العصيبة والكوارث ولم تقف جهود المجتمع الدولي في مجال حماية حقوق الطفل عند هذا الحد بل تكللت هذه الجهود بإنجازات فريدة في مجال العناية بحقوق الطفل وحمايتها حيث صدرت صكوك دولية اولت غالبيتها عناية خاصة للأطفال وحقوقهم واول هذه الصكوك الدولية اهمية واكثرها شيوعا وانتشارا هو الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في (10/كانون الاول/1948) واتفاقيات جنيف الاربعة عام 1949 وبروتوكوليها الاضافيين عام 1977 فقد اولى البروتوكول الاول الذي يطبق اثناء النزاعات المسلحة للأطفال عناية خاصة وضرورة حمايتهم من الاعتداءات التي قد تحصل لهم خلال النزاع كما تضمن البروتوكول الثاني الاضافي الذي يتعلق بالنزاعات المسلحة غير الدولية نصا خاصا بالأطفال بقوله يجب توفير الرعاية والمعونة للأطفال بقدر ما يحتاجون اليه.
لذا تعد مرحلة الطفولة من مراحل النمو المهمة لهم فهي الاساس لنمو شخصياتهم فإذا كانت عوامل النمو سليمة وصحيحة والرعاية جيدة لهم كان نمو شخصياتهم سويا واعتياديا والعكس صحيح ويجب الاهتمام بالأطفال في تجسيد مشاعر الحب والقيم والثقة بالنفس والشعور بالأمن لكي نحافظ عليهم ونحميهم من كل اذى يتعرضون له.