يُعد القلق صفة هذا الجيل في الوقت المعاصر، وذلك لما يتعرض له العالم من مخاطر وحروب، وما يشهده من تطور تكنولوجي، وزيادة أعداد السكان مما يؤدي إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية ونفسية ، والتغير السريع الذي اصبح سمة هذا العصر، بالإضافة إلى ازدياد عدد العاطلين عن العمل على الرغم من كثرة مطالب الأفراد المادية وغيرها ..
يظهر الناس تفاوتاً كبيراً في قلقهم ، وشدته في ظروف تجمعهم معاً، وهذا يعني أن من الناس من يكون استعداده للقلق أكثر من استعداد غيره ، إذ إن القلق شعور بالتهديد ، لذلك فان الفرد الذي يعاني بصورة عامة من القلق يعاني بالضرورة من قلق الامتحان ، لأن قلق الامتحان شعور بالتهديد يتمثل في الخوف من الرسوب أو الفشل فيه .
وهناك بعض الآثار السلبية التي يتركها قلق الامتحان في الطلبة وهي عدم القدرة على التذكر ، وعدم القدرة على تنظيم المعلومات والمواد الدراسية ، الصعوبة في فهم وادراك معلومات المواد الدراسية ، الصعوبة في فهم التعليمات الامتحانية ، الشعور بالضيق ، الانقطاع عن الطعام ، اضطرابات في النوم ، وغالباً ما يؤدي قلق الامتحان إلى الفشل الدراسي.
تنتشر ظاهرة القلق من الامتحان بين الطلبة بدرجات متفاوتة ، في المراحل التعليمية المختلفة ، غير أنها تظهر بقوة عند طلبة الصف السادس الإعدادي ( الامتحانات الوزارية) لأن هذه الامتحانات مصيرية فيما يتعلق بهم ، لذا ان الضجة المثارة حول الامتحانات الوزارية تُثير القلق لدى الطلبة ، فهناك بعض الأسر في المجتمع تعطي أهمية كبيرة للامتحانات الوزارية ، ففي الأسرة غالباً ما يتم الإعلان عن حالة تشبه الطواريء إذا كان أحد ابناءها يتقدم إلى الامتحانات الوزارية ، بحيث يتم عزله عن بقية ابناء الأسرة، ويحرم عليه كل ما يشغله عن دراسته، ويجري الضغط عليه للحصول على معدل مرتفع ، لأن الأسرة تريد منه – ان يلتحق في كلية الطب مثلاً، مع أن الطالب ليست لديه الرغبة في ذلك، وهذه من العوامل التي تعمل على إثارة القلق من الامتحان لدى طالب الصف السادس الاعدادي ( الامتحان الوزاري ) .
يُعد قلق الامتحان شكل من أشكال المخاوف المرضية ، والتي هي من العوامل المهمة التي تعيق المستوى الأكاديمي للطلبة في مختلف مستوياتهم الدراسية، حيث يحيل معظم الطلبة إلى وصف الامتحانات من معارك الحياة وأثقالها ، ويتطلعون إليها بجزع كبير، ويقومون بوسائل مختلفة تمكنهم من مواجهة هذا العبء الثقيل ، وهذه الوجهة السلبية تجعلهم كارهين مبغضين لكل ما يدور في عملية التعلم .
ان القلق هو حالة نفسية أو ظاهرة انفعالية تصيب الطالب خلال الامتحان، وتنشأ عن ذلك تخوفه من الفشل أو الرسوب في الامتحان ، أو تخوفه من عدم حصوله على نتيجة مرضية له ولتوقعات الآخرين منه، وقد تؤثر هذه الحالة النفسية على العمليات العقلية مثل: الانتباه والتركيز والتفكير والتذكر.
ينشأ القلق في المرحلة الاولى في الحياة، وينتج عن اضطراب العلاقة بين الطفل ووالديه ، فالطفل الذي لا يشعر بالحب والاحترام في سنوات الطفولة الأولى يميل إلى إظهار الكره والعداء نحو والديه ونحو الاشخاص الآخرين بوجه عام، ولمّا كان الطفل ضعيفاً ويعتمد على والديه في كل شيء، فهو لا يستطيع إظهار الكره والشعور العدواني نحوهم ، ولذلك يكبت الطفل هذا الشعور العدواني ، مما يؤدي إلى ظهور القلق.
اذن لا بد من ايجاد الحلول المناسبة لقلق الامتحان لدى الطلبة، وذلك من خلال تحسين الوسائل التربوية للمدرسين، وتحسين العلاقة بينهم وبين الطلبة ، وتطوير البرامج الإرشادية والعلاجية لهم .
إن المدارس في المجتمع العراقي تفتقر إلى المرشدين النفسيين، من أجل مساعدة الطلبة للتخلص من المشكلات التي يعانون منها، سواء كانت دراسية، أو نفسية، أو اجتماعية ، ولذلك يجب الإسراع بوضع الحلول المناسبة لهذه المشكلات .
فنلاحظ ان هناك إهمال من قبل بعض المدرسين في عملية التعلم والتعليم ، لأنهم يظهرون اهتماماً كبيراً باستعدادات الطلبة، أى القدرات العقلية لهم ، دون الاهتمام بالأنشطة العلمية والتغذية الراجعة ، ولذلك يعتمد الطلبة على التدريس الخصوصي، وتزداد التوجيهات والارشادات المختلفة من قبل ادارة المدرسة والمدرسين، والتي تهدف إلى بذل مزيدا من الجهود لمواجهة الامتحانات، غير أن ذلك يعد من أكثر العوامل إثارة لقلق الامتحان لدى الطلبة، ويشكل ضغوطاً نفسية عليهم.
كما ان للمدرسة دوراً كبيراً في خلق قلق الامتحان لدى الطلبة، إذ ان تدهور العلاقة بين المدرسين وطلبتهم والعلاقة بين الطلبة بعضهم ببعض تؤثر في مستوى القلق لديهم، علاوة على إن مهمة المدرسين في المدارس تنحصر في الاهتمام بالمواد الدراسية، لا بحاجات الطلبة النفسية والاجتماعية ، مما يزيد فرص الإصابة بقلق الامتحان.
ان المجتمع الذي يعيش الطلبة فيه له الدور الكبير في القلق لديهم، فتراه يعطي قيمة كبيرة لمصير الطلبة في هذه الامتحانات، وبأنه يشكل نقطة تحول في حياتهم ، ففي ضوء نتائج هذه الامتحانات يتم تحديد المستويات الاجتماعية للطلبة .
لكي تخفف من القلق لدى الطلبة علينا الاهتمام بالآتي :
- خلق الظروف المريحة خلال الامتحانات لتخفيف القلق. والاضطرابات النفسية التي يعاني منها العديد من الطلبة.
- ضرورة توفير الاختصاصيين النفسيين والتربويين في المدارس المساعدة الطلبة في حل مشكلاتهم الانفعالية التي تؤثر على مستوياتهم الدراسية.
*ضرورة اهتمام المدارس بزيادة الانشطة الترفيهية والترويجية للطلبة ، لتقليل التوتر وخفض القلق ليلهم .
- إعداد المدرسين تربوياً ونفسياً لمساعدة الطلبة في خفض مشاعر القلق والتوتر .
- ضرورة التعاون بين المدرسة والبيت من اجل توفير الاجواء الملائمة للطلبة لكي يستمروا في جهودهم الدراسية.
- ضرورة بناء الاسرة وفق التكيف الاجتماعي ، وتكوين العلاقات الجيدة والاحترام المتبادل بين اعضائها ، وتلبية ميول ورغبات الابناء ، لكي يعم الاستقرار فيما بينهم ، ويؤدي ذلك إلى تحسين مستوياتهم الدراسية.