
يعد مفهوم ما وراء المعرفة من اكثر الموضوعات الحديثة في علم النفس المعرفي ومن المعروف انه ليس بفكرة جديدة ، فقد تطرق اليه العديد من العلماء والباحثين فعلى سبيل المثال ، وصف كل من ( جيمس و ديوي) عمليات ما وراء المعرفة بانها تحتوي على التأمل الذاتي الشعوري خلال عملية التفكير والتعلم وهي تعتمد على نظرية معالجة المعلومات التي تهدف الى بناء نموذج لعمليات التحكم بالمعرفة التي تهتم بتمييز العمل الاستراتيجي للوصول الى ايجاد الحلول المناسبة للمشكلة التي تواجه الطلبة وتعودهم على استخدام عمليات التفكير المعقدة التي يستخدمها المعلم أثناء أنشطته المعرفية، والتي تتمثل بالتخطيط للمهمة، ومراقبة الاستيعاب ، وتقويم التقدم العلمي الذي يحصل عليه الطلبة من خلال التفكير العلمي السليم وصولا الى ما وراء المعرفة. تطور مفهوم ما وراء المعرفة في مطلع الثمانينيات وتعني (التفكير في التفكير) و(تاملات المعرفة) ووعي الطلبة بالعمليات المعرفية المنظمة والتي يستخدمونها لحل المشكلات التي تواجههم وان ما وراء المعرفه مركزها المخ ويختص بها الانسان ويعتمد عليها الطلبة في تطوير المعلومات العلمية وهي مفهوم يستخدمه علماء النفس للاشارة الى الوعي بعمليات التفكير.
ويشير مصطلح ما وراء المعرفة الى نظام التفكير العالي الذي يشتمل على التحكم الفعال للعمليات المعرفية التي يستخدمها الطلبة في عملية التعلم مثل التخطيط لكيفيه تحقيق مهمة تعليمية ومراقبة الفهم وتقييم التقدم نحو ما وراء المعرفة في الطبيعة ولان ما وراء المعرفة تلعب دورا كبيرا في نجاح العملية التعليمية فانها تكون مهمة ايضا لدراسة النشاط والتطوير لكي نحدد للطلبة كيف يتعلموا بتطبيق افضل المصادر المتاحة للتعلم ويعد هذا النمط من التفكير من اعلى مستويات التفكير حيث يتطلب من الطلبة ان يمارسوا عمليات التخطيط والمراقبة والتقويم لتفكيرهم بصورة مستمرة كما يعد شكلا من اشكال التفكير الذي يتعلق بمراقبة الطالب ذاته وكيفية استخدامه لتفكيره اي ( التفكير في التفكير).
ويؤكد العديد من علماء النفس بان مهارات ما وراء المعرفة هي القدرات العقلية التي ينجزها الطالب عندما يصبح في العمر الزمني (12 سنة) بتوظيف المعرفة المنظمة للاشياء الملموسة الحسية اي عندما يمر الطالب في دور المراهقة لابد له من ان يؤدي هذه القدرات العقلية من خلال الاعتماد على نتائج هذه العمليات الملموسة الحسية ويجعلها تتناسب مع بعضها البعض الاخر معتمدا على ما يمتلكه من التفكير الناقد ،ثم يراجعها ويعمل عليها بنوع من الترابط المنطقي فيما بينها.
وهذا يعني ان لمفهوم ما وراء المعرفة دورا مهما وكبيرا في اداره الوقت والجهد من قبل الطالب في القيام بالمهمات الصعبة ، ويتضمن ذلك فهم الموقف او المشكلة قبل التسرع في محاوله ايجاد الحلول المناسبة لها بالاعتماد على التخطيط والمتابعة والمراقبة وتقدير نوع العمل الذي يتبعه وكذلك تقدير الزمن الذي يمكن ان يستغرقه اداء هذا العمل.
حظيت مهارات ما وراء المعرفة باهتمام كبير في السنوات الاخيرة لما لها من اهمية في تحسين طريقة تفكير الطلبة حيث تزيد من وعي الطلبة لما يدرسونه ، فالطالب الذي يتمتع بهذه المهارات يقوم باداء ادوار عديدة في وقت واحد عندما يواجه مشكلة ما او في اثناء الموقف التعليمي حيث يقوم بدور مولد للافكار ومخطط وناقد ومراقب لمدى التقدم العلمي ومنظم لخطوات الحل ويضع امامه خيارات متعددة ويقيم كلا منها ويختار ما يراه الافضل وبذلك يكون مفكرا ومنتجا.
لذا فان مفهوم ما وراء المعرفة هو تاملات عن المعرفة او التفكير فيما يفكر به الطالب وكيف يفكر ويرتبط هذا المفهوم بثلاثة اصناف من السلوك العقلي هي :
اولا. معرفة الطالب عن عمليات تفكيره الذاتي ومدى دقته في وصف تفكيره.
ثانيا. تحكم الطالب وضبطه الذاتي ومدى متابعته لما يقوم به عند انشغاله بعمل عقلي، وذلك من خلال ايجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجهه.
ثالثا. معتقدات الطالب وجوانبه الوجدانية فيما يتعلق بتفكيره عن المجال الذي يفكر فيه ، ومدى تاثير ذلك في طريقة تفكيره.