ان اول كلمة انزلها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم (اقرأ) وهذا تنويه من الله عز وجل بأهمية القراءة والكتابة في حياة الفرد والمجتمع, وما زالت القراءة وستبقى عماد العلم والمعرفة والوسيلة الاساسية للإحاطة بالمعرفة والمعلومات والبقاء على اتصال مباشر دون وسيط بالمواد القرائية المتعددة , فأينما كان الانسان فأنه يستطيع القراءة طالما عمل على ذلك.
وبالرغم من تعدد مصادر المعلومات في وسائل الاتصال الحديثة والوسائل التكنولوجية من حاسوب وانترنت ووسائل الاعلام الا ان القراءة لم تفقد مكانتها ولم يتراجع دورها في عملية التعليم والتعلم, بل ازداد دورها وازدادت اهميتها , ومع تطور البحوث والدراسات التربوية ازدادت اهداف القراءة ووظائفها اذ اصبح الاستيعاب بمختلف مستوياته هدفا رئيسا من اهداف القراءة, ذلك لان استيعاب المقروء يجعل الفرد مندمجا بالنص متفاعلا معه.
فالغرض الاساسي من اعداد القارئ الجيد اذن هو تمكينه ن استيعاب النص المقروء بصورة صحيحة, ويعتمد هذا الاستيعاب على سهولة استخدام القارئ للمفاهيم والمعاني التي اكتسبها, ولكي تصبح هذه المفاهيم ذات فائدة يجب ان ترتبط بالكلمات التي ترمز اليها, ويصبح استيعاب التراكيب اللغوية سهلا عندما تتم عملية القراءة على اساس الوحدات: وهي مجموعة الكلمات التي تكون مع بعضها تتابعا ذا معنى في سياق الجملة.
يجب على القارئ الجيد ان يمتلك المهارات العقلية لتقنية القراءة من حيث: ثروة المفردات, وادراك المعنى القريب والبعيد, والكشف عن هدف الكاتب ومغزاه, والقدرة على نقد المقروء, ولا بد له ايضا ان يدرك معنى الفقرة واخيرا النص كاملا.
فالفهم يعين القارئ على الادراك الصحيح لما ينطوي عليه المقروء من معان ظاهرة او خفية, والقراءة بغير ذلك تفقد قيمتها, وتصبح عملية آلية لا تنقل الى القارئ افكار الكاتب ومعانيه, وتخلو من الدافع الى الاقبال عليها, واتخاذها وسيلة للمتعة والتحصيل العلمي.
ان عملية القراءة عملية عقلية مركبة وذات شكل هرمي يرتبط بالتفكير بدرجاته المختلفة, بحيث ان كل درجة تفكير تعتمد على ما تحتها ولا تتم بدونها, فأن عملية القراءة تماثل جميع العمليات التي يقوم بها المعلم في التعليم فهي تستلزم الفهم والربط والاستنتاج.
وقد ازداد اهتمام الباحثين بالقراءة في النصف الثاني من القرن العشرين, وحاولوا التركيز على القراءة على انها اسلوب من اساليب النشا العقلي في حل المشكلات واصدار الاحكام والتفكير الناقد, هذا بالإضافة الى التركيز على عنصر (الاستماع) الذي يرافق عملية القراءة , وكون القارئ يجد لذة وسرورا نفسيا لبعض الميول والرغبات المكبوتة من خلال القراءة, لذا فأن القراءة عملية عقلية لها علاقة بالتفكير لان فك الرموز وتحويلا الحروف المكتوبة الى اصوات لا يتعدى كون القارئ يقوم بعملية آلية, وقراءته في هذه الحالة آلية ليس فيها تفكير , وهي اشبه بالقارئة العربي عندما يقرا نصا مكتوبا باللغة الفارسية التي تكتب بحروف عربية, وقارئ الانكليزية الذي يقرأ الألمانية التي لا يعرفها, ففي هذه الحالة لا يمكن ان نقول عن القارئ الاول انه يقرأ الفارسية, وعن القارئ الثاني انه يقرأ اللغة الالمانية.
فالقراءة ليست عملية بسيطة كما يظهر للوهلة الاولى بل هي عملية معقدة تدخل فيها قوى وحواس ومهارات مختلفة, ولخبرة الفرد وذكائه اهمية كبيرة في عملية القراءة, فقراءة جملة بسيطة تستلزم من الطالب ان يقوم بالعمليات الاتية.
• رؤية الكلمات المطبوعة او المكتوبة : وهنا تظهر اهمية البصر والدور الذي يقوم فيه مع الجهاز العصبي في عملية القراءة.
• النطق بهذه الرموز المطبوعة او المكتوبة: وهنا تشترك في هذه العملية اداة النطق (التكلم) وحاسة السمع ايضا.
• ادراك الطالب لمعنى الكلمات المنطوقة سواء اكانت منفردة ام مجتمعة فيفهم ما يقع تحت نظره من الكلمات والمصطلحات والمعاني الغريبة عنه او الجديدة بالنسبة اليه.
• انفعال الطالب ومدى تأثره بما يقرأ.
وهكذا فان القراءة عملية ليست بالسهلة وانما عملية عقلية مركبة ومعقدة تحتاج جهودا مضنية.