يحتل المنهج التربوي موقعاً استراتيجياً حساساً في العملية التعليمية عندما ينظر إلى التخطيط التربوي من منظور الجودة والنوعية، لأنّه الترجمة العملية لأهداف التربية وخططها واتجاهاتها في كل مجتمع، فأفضل مدخل وخير وسيلة لإصلاح التعليم وتجديده هو تحسين المناهج وتجديدها وتطويرها بمفهومها الشامل. وتتمثل الدعائم التي يقوم عليها المنهج بما يلي أولا : الأساس المعرفي : تعتبر المعرفة من الركائز الاساسية التي يقوم عليها المنهج الدراسي ويسود المجال التربوي وجهتا نظر حول المعرفة فالفكر التقليدي ينظر إلى المعرفة باعتبارها هدفاً في حد ذاتها ثم تكرس كافة الجهود لتحقيق هذا الهدف . بينما الفكر التربوي التقدمي ينظر إلى المعرفة باعتبارها أداة أو وسيلة لإعداد المتعلم للحياة ومن ثم فقد أولى هذا الفكر اهتماماً خاصاً بالخبرات وكيفية اكتسابها . وتوجد انواع مختلفة للمعرفة في المنهج :
أ – المعرفة الإلهية : وهي المعرفة المنزلة من قبل الله (تعالى) على رسله ومن يختارهم .
ب- المعرفة الحدسية : وهي المعرفة التي تأتي نتيجة اشراقة للفكر أو استنارة للبصيرة أو التفاتة في الوعي لا شعورية كأعمال المخترعين والفنانين .
ج- المعرفة العقلية : وهي المعرفة التي تنتج من استخدام العقل ومن أمثلتها مبادئ المنطق والرياضيات وتثبت بالبرهان والاستدلال .
د- المعرفة التجريبية الحسية : وتتأكد بشهادة الحواس وهي أفكار تكونت طبقاً لوقائع ملموسة .
هـ – المعرفة النقلية : وهي التي انتقلت وقبلت على محمل الصدق لا لأنها دققت بل لأن جهات موثوقة شهدت بصدقها مثل المعارف التاريخية والتراثية .
ثانياً : الأساس النفسي : ويشمل جميع ما أكدت عليه دراسات وبحوث سيكولوجية عملية التعلم والتي تفرض نفسها على عملية بناء المنهج وقد ظهرت نظريات نفسية كثيرة حاولت تفسير التعلم .
ثالثاً : الأساس الاجتماعي والثقافي : المجتمع يتكون من مجموعة من الأفراد الذين يتعاونون وفقاً لنظام يحدد العلاقات فيما بينهم لتحقيق أهداف محددة وتربطهم روابط روحية ومادية . وهذه الروابط تشمل المعتقدات والعادات والمثل والقيم . وإن دراسة المجتمع تعد المجال الحيوي الذي تشتق منه التربية أهدافها وأهداف التربية تشتق من طبيعة المجتمع ، وتعد الثقافة من مظاهر المجتمع المهمة الواجب أن يراعيها المنهج . ويمكن تعريف الثقافة بأنها : النسيج الكلي من الأفكار والمعتقدات والعادات والتقاليد والاتجاهات والقيم وأساليب التفكير والعمل في حياة الناس .
رابعاً : الأساس الفلسفي : كلمة الفلسفة Philosophy مشتقة من كلمتين يونانيتين هما ( Philo ) وتعني ( حب ) او ( محب) و ( Sophy ) وتعني الحكمة أو المعرفة فيكون معنى الكلمة حب الحكمة أو المعرفة . وتعرف الفلسفة : بأنها اسلوب الحياة التي يختارها الإنسان نفسه والقيم والمثل التي يؤمن بها نتيجة خبرته في الحياة لكي يعيش بأفضل صورة ممكنة . وتتميز الفلسفة بمجموعة خصائص منها :- 1- الهدف العام الواضح .
2- القيام في ضوء القيم المقبولة .
3- احتوائها على مبدأ عام تتفرع منه مبادئ .
4- شموليتها في الأبعاد والمضمون والتطبيق .
5- قدرتها على التغير والتطور .
ونستنتج مما سبق ان المنهج التربوي هو كل ما يحدث في المؤسسة التعليمية، وما يخطط له وينفذ، أو يمارس من قبل المتعلم خارج المؤسسة التعليمية من عمليات تعلم وتعليم، بهدف تمكين المتعلم من مواجهة المواقف الجديدة ومتغيرات الحياة وتوليد الأفكار، وإنتاج المعرفة وتكوينها من المصادر والمعلومات المتناثرة، وغربلتها وإعادة تركيبها بشكل منظم، ومساعدته على النمو الشامل المتكامل بكل طاقاته وإمكاناته الجسمية والنفسية والعاطفية، والفكرية، والارتقاء لبناء كيانه الشخصي الاجتماعي بكل مسؤولية، وتلبية احتياجاته المتغيرة للوصول إلى أفضل ما تستطيع قدراته، إلى أعلى مستوى ممكن، لتحسين الأداء الفردي والمؤسسي وجودة التعليم.