مقال بعنوان…(جودة النتاج العلمي وتحديات انجاح العملية التعليمية)
أ.د ابراهيم طه حمودي
مما لا شك فيه ان إصلاح منظومة التربية والارتقاء بجودة التعليم باتت من أهم القضايا الرئيسة التي تستحوذ على ذهن اصحاب الشأن في شتى أنحاء المعمورة في ظل الاعتراف العالمي بأهمية جودة المنتج التعليمي كأساس رئيس للدعامة الأساسية لكل نهضة اقتصادية واجتماعية وتنمية مجتمعية مستدامة.
ومع تنامي اقتصاديات المعرفة وتحديات العولمة ، أصبح الوصول بجودة النتاج العلمي إلى أعلى المستويات من الأهمية بمكان لينعكس ذلك على جودة التأهيل للموارد البشرية لتمكينها من الاندماج عالمياً في ظل الحالة التنافسية التي يعيشها العالم في شتى المجالات لمواكبة التطورات والتحولات الخطيرة التي نشاهدها حالياً.
اقول : الجودة العلمية أصبحت مطلبًا مهماً لكافة المنشآت المختلفة عامة، والمؤسسات التعليمية على وجه الخصوص من أجل الأداء والمنافسة أمام عالم يعج بالمتغيرات الحديثة والمتسارعة ، فمفهوم الجودة في الإدارة التربوية والعلمية هو جملة ما يُبذل من قبل العاملين في الحقل التربوي من خلال تظافر جهودهم لرفع مستوى المنتج التربوي بما يُمكنه من التوافق والتناغم مع متطلبات المجتمع ، ومن الاهمية في هذا الموضع ان نشير الى ان بدايات ظهور مفهوم الجودة بصورة جلية في الثقافة العربية الإسلامية ، يفهم من خلال قوله تعالى { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } ، وحديث نبيه عليه الصلاة والسلام :- « إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» ، لذلك فالمقصد الرئيس من مصطلح الجودة الشاملة في العملية التعليمية يرمي إلى تصحيح المسار التعليمي والتربوي بحيث يتم في غاية من الاتقان وفق معايير تربوية ضرورية لرفع مستوى جودة المنتج التعليمي بأقل جهد وكلفة محققا الأهداف التربوية التعليمية والمجتمعية.
ورغم أن معايير الجودة العالمية ربما تختلف من دولة إلى أخرى وفق آلياتها، إلا أنها تلتقي جميعها في العديد من المواصفات والمقاييس التي لا تحيد عنها المنظومة التعليمية حيث الجميع يهتم بمواصفات الخريجين من المدارس ونتائج تحصيلهم الدراسي عبر مختلف المراحل والقدرة على تجاوز كل المشاكل والمعوقات التي قد تعترض مسار تجويد العملية التعليمية ، ولأجل انجاح الجودة التعليمية فإن ذلك يحتاج المزيد من النظم والقواعد التي يساهم تطبيقها في الوصول إلى القيادة الواعية، والسياسات والاستراتيجيات الناجحة في كافة المؤسسات لاسيما التربوية والتعليمية بحيث ترتكز على خطط وأهداف وطرق عمل متقنة ودقيقة ، ومن هذه القواعد والنظم ، ضرورة إحداث نسبة من التوافق النفسي والعقلي من أجل تطوير مهام مديري المدارس وإطلاق المعارف والقدرات الكامنة عند العاملين بمختلف مستوياتهم الوظيفية على المستوى الفردي والجماعي، ورفع المستوى العام للمدرسة والخطط والأنشطة لتوفير الدعم لسياستها وكفاءة الأداء وآليات العمل.
وهناك أهمية لمطلب يُشكل نسبة كبيرة من قواعد الجودة يتمثل في تحديد شكل العلاقة بين الشركاء الخارجيين والداخليين في المنظمة التعليمية، أو المؤسسة التعليمية، من خلال تحديد كيفية قيام المدرسة بمختلف مراحلها وكذلك الجامعة أو المؤسسة التعليمية بالتخطيط وإدارة العلاقات مع الشركاء الخارجيين وهذا يستلزم تطوير العملية التعليمية من خلال دعم السياسات والاستراتيجيات والفاعليات على جذ سواء للأداء التعليمي ، ثم تأتي مرحلة قيام المدرسة أو المؤسسة بتطوير وتصميم وإدارة عملياتها في سبيل دعم السياسات والإجراءات ، لكي تكسب ثقة المستفيدين، وتزيد من تحقيق جملة المكاسب لكل المساهمين في العملية التعليمية ، ولعل الطالب يمثل النسبة الأكبر من جملة المستفيدين من أهمية تطوير الجودة في العملية التعليمية فهو أحد أركانها ومحور اهتمام كافة المؤسسات التعليمية، ولذلك فعليه دور كبير في المشاركة ضمن المنظومة المنوط بها صياغة المناهج ووضع وتصميم الآليات المناسبة لتقديم وتطوير العملية التعليمية، ثم يأتي أهمية مشاركة المعلم او التدريسي كمعول بناء وركناً أساسياً في العملية التعليمية وجودتها، من خلال التدقيق الكبير في عمليات اختيار وتدريب وتأهيل اعضاء الهيئة التعليمية والمساعدة لهم في تحفيزهم والاستماع إلى مقترحاتهم، مع ضرورة توفير بيئة تربوية ملائمة لهم لمزيدًا من الابداع والابتكار في إيجاد أساليب تعليم حديثة وتوصيل المعلومة ونقل المعرفة إلى الطلاب بسهولة ويسر، والمهمة الأكبر التي تقع على عاتق المعلم هي كيفية إقناع الطالب بأهمية التعلم والدور والمسئولية الهامة التي تنتظر الطلاب في مستقبلهم وحياتهم العملية ، ومما لا شك فيه أن باقي أركان العملية التعليمية مثل المناهج التعليمية والمرافق الدراسية والإدارة أو القيادة المدرسية عليها عاتق كبير في توفير البيئة الملائمة لعملية تعليمية هادفة وبناءة، وطالما كان مفهوم الجودة امام أعيننا عند تطبيقه على كل أركان العملية التعليمية بحيث نجد المدرسة باتت بيئة جاذبة ومحببة للتعليم تساعد الطالب على الابتكار، والمعلم على الإبداع وعندها سيصبح أول أيام الدراسة هو أسعد وأجمل أيام الطالب، بينما سيكون آخر أيام المدرسة يوم فراق حزين لمكان تعلق به الطالب وأحبه
