يقوم منهج النشاط او الخبرة على مبدأ الفاعلية المبني على اساس ان الطفل يجب ان يكون فاعلا لا منفعلا , وان يكون له نشاط ذاتي يسوقه الى الكشف عن الحقائق بنفسه فهو لا يتعلم تعلما حقيقيا الا اذا كان لديه سؤال يطلب جوابا عنه, فكل درس جواب عن سؤال وكل تعلم حل لمشكلة من المشكلات وتعد المدرسة التجريبية التي انشاها جون ديوي في شيكاغو عام 1896 اول مدرسة حديثة نظمت مناهجها على اساس النشاط والفاعلية اي نشاط الطالب وفاعليته او التعلم بالعمل وللنشاط عند ديوي اربعة دوافع انسانية هي:
*الدافع الاجتماعي: ويظهر في ميل الطفل الى مشاركة من حوله.
*الدافع الانشائي: ويظهر في العاب الاطفال وحركاتهم.
*الدافع الى البحث والتجريب: ويظهر في قيام الطفل بعمل بعض الاشياء لمجرد الرغبة في التعرف الى ما ينتج عن عمله.
*الدافع الى التعبير: ويظهر في تعبير الطفل عن ميوله الانسانية ,او في اتصاله بغيره من الاطفال.
وقد استغل (ديوي) هذه الدوافع في تربية الاطفال فجعل محور النشاط في مدرسته يقوم الجوانب الحرفية كالطهي والحياكة والنجارة والحدادة, وليس على المواد الدراسية, ذلك لان هذه الحرف تتضمن النشاط الذي يبذله الطفل للحصول على طعامه وكسائه ومسكنه.
وقد ادى ظهور كتاب(طريقة المشروع) للمربي (كلباترك) عام (1918) القائم على فلسفة ديوي الى انتشار مناهج النشاط على نطاق واسع, وان لهذه المناهج في الوقت الحاضر صورتان هما:
*مناهج النشاط القائمة على ميول الاطفال وحاجاتهم.
*مناهج النشاط القائمة على المواقف الاجتماعية.
وفيما يلي توضيح لكل صورة من هاتين الصورتين:
1.مناهج النشاط القائمة على ميول الاطفال وحاجاتهم وهذا النوع من المناهج يقوم على ميول الاطفال التي يشعرون بها من تلقاء انفسهم, وليس على الميول التي يفرضها الكبار عليهم. ومن الثابت ان الطفل اذا قام بنشاط يتمشى مع احد ميوله فانه يندفع الى مزاولة نشاط اخر يولد في نفسه ميلا جديدا ولذلك قيل ان النشاط يدعو الى النشاط ومما يتميز به هذا المنهج عن غيره انه مبني على اعتبار النشاط شيئا داخليا وليس شيئا خارجيا نظرا لان ميول الاطفال وحاجاتهم تتحقق اثناء تنفيذ المنهج وهو من هذه الناحية يختلف عن مناهج المواد التي تحتاج الى اضافة نشاط خارجي لها يسمى بالنشاط اللامنهجي ومن مزايا هذا النوع من المناهج الاتي:
.توجيه الاهتمام الى العناية بنمو الطفل نموا متكاملا من جميع نواحيه.
.اشباع حاجات الاطفال وميولهم واشعارهم بالاستقرار والطمأنينة خلافا لمناهج المواد التي يشعر الاطفال معها بالقلق والخوف من الفشل في الامتحانات.
.التأكيد على تكامل المعرفة واشعار الاطفال بان الحقائق التي يتعلمونها سيتمم بعضها بعضا وذلك خلافا لمناهج المواد التي تجزئ المعرفة وتدخل كل جزء منها في علم خاص.
اما المآخذ على هذا النوع من المناهج فهي:
*صعوبة تحديد ميول الاطفال وحاجاتهم الاساسية.
*عدم مساعدة التلاميذ على اتقان المواد الدراسية مما يترك في ثقافتهم فجوات كبيرة تحول دون حصولهم على المبادئ العامة التي تنظم المعرفة تنظيما منطقيا .
*توجيه الاهتمام الى حاضر الطفل واهمال التراث الثقافي الذي تحدر اليه من الماضي وكذلك اهمال ما ينبغي للطفل ان يكون عليه في المستقبل لمواجهة المشكلات التي تنتظره.
*الصعوبات التي يواجهها هذا المنهج في تنفيذه ومن ابرزها صعوبة وضع منهج تعليمي متسق منطقيا وصعوبة تأليف الكتب المدرسية وصعوبة تقويم اعمال التلاميذ من اجل نقلهم من صف الى اخر وقلة عدد المعلمين الاكفاء ومواقف الاباء السلبي منه لانهم اعتادوا على منهج المواد الدراسية المنفصلة.
2.مناهج النشاط القائمة على مواقف الحياة الاجتماعية وهذا النوع من المناهج يقوم على مواقف الحياة الاجتماعية وما تنطوي عليه من مشكلات وليس على ميول الاطفال وحاجاتهم فحسب وذلك على اساس ان المدرسة تعد مؤسسة اجتماعية وعليها ان تضطلع بمهمة تزويد الطفل بالخبرات والمهارات الضرورية له في مستقبل حياته, وذلك بالنظر الى ان نجاحه في المستقبل يتوقف على ما يزود به من الخبرات الاجتماعية فالأطفال هم رجال المستقبل وتصور المستقبل يعد عاملا اساسيا في تخطيط المناهج الدراسية ومن مزايا هذا المنهج الاتي:
*تزويد التلاميذ بخبرات تعلمية تتصل بحياتهم وحياة المجتمع الذي يعيشون فيه, وعلى سبيل المثال اذا نظمت المدرسة وحدة دراسية تدور حول موضوع كسب العيش وقام التلاميذ بدراستها فانه يصبح باستطاعتهم بعد ذلك الاطلاع على الأعمال المختلفة التي يقوم بها الناس لكسب رزقهم, ومعرفة الشيء الكثير عن فرص العمل وطرق الحصول عليها والمشكلات المتعلقة بإدارة الاعمال وغير ذلك.
*المساعدة في تحقيق اهداف المدرسة ووظائفها الاجتماعية نتيجة لإسهامه في نقل القيم الاساسية للمجتمع والمحافظة عليها.
*المساعدة على تكامل الخبرات التعليمية وتنظيمها على نحو وظيفي يبرز علاقتها بالمواقف الاجتماعية ويؤدي الى حل المشكلات المتعلقة بتلك المواقف .
اما ابرز عيوب هذا المنهج فهي:
*ان وحدات هذا المنهج تبنى على اساس تصور الكبار ,وغني عن القول بانه ليس كل ما يتصوره الكبار يعد ملائما لحاجات الاطفال وميولهم.
*ان وحدات هذا المنهج تقلل من قيمة المواد العلمية وتوجه انظار التلاميذ الى تعلم اجزاء منها ,مما يحول دون دراستهم لها دراسة منطقية, وعلى نحو متكامل.
*ان تطبيق هذا المنهج في ظل النظم التربوية القائمة يعد امرا صعبا بسبب قلة عدد المعلمين الاكفاء, وعدم وجود الكتب المدرسية والوسائل التعليمية الملائمة.
ومما سبق يتبين ان مناهج النشاط القائمة على مواقف الحياة الاجتماعية تتلافى الكثير من عيوب المناهج القائمة على ميول الاطفال وحاجاتهم ,غير ان مما يعيبها قيامها على اساس الوحدات او المواقف التعليمية التي يتصورها الكبار ,وعليه فأن منهج النشاط السليم هو المنهج الذي يجب عليه ان يجمع بين مزايا هذين النوعين, اي الجمع بين حاجات الطفل وميوله من جهة, وحاجات المجتمع ومشكلاته من جهة اخرى.