الاسرة هي احد مقومات الوجود الاجتماعي في المجتمع الانساني ولها العديد من الوظائف ومن اهمها تنشئة وتربية الابناء من الناحية البدنية والاجتماعية والتنشئة هي عملية اكساب الابناء القيم والمعايير في المجتمع الذي ينتمون اليه ولا تتحقق التنشئة الا بوجود علاقة قوية بين اولياء الامور المبنية على الحب والرعاية والحماية ، وفي بعض الاحيان تفشل الاسرة في رعايه الابناء ويعد العنف الاسري هو احد انواع هذا الفشل وهو العنف الذي يحدث بين افراد الاسرة الواحدة وهو اكثر انواع العنف تميزا ، لانه يحدث في وسط الافراد داخل الاسرة الذين يحتاجون الى الحب والدعم والامان لذا فان العنف الاسري يؤثر على الصحة النفسية للابناء ويعيق توافقهم النفسي بابعاده الشخصية و الاجتماعية وذلك من خلال ضعف الاساليب التعاملية التي تولد الضغوط النفسية لديهم.
يقود العنف الاسري العديد من الاثار السلبية على الصحه النفسية فانه يؤثر سلبا على جميع افراد الاسرة وبالتالي يؤثر على المجتمع كافة ولابد من ان يؤثر على النمو والتطور الانساني فالاسرة هي الركيزة الاساسية للمجتمع ومن اللبنات المهمه في كيانه فهي المكان الخصب والاساسي الذي ينمو ويتواصل فيه الابناء منذ ولادتهم وتسهم الاسرة بدورها الكبير في تكوين شخصيات الابناء من خلال التنشئة الاجتماعية والتربوية والنفسية التي تقع على عاتقها وحدها في المراحل الاولى من حياتهم ، وتقوم بتشكيل سلوكهم في مختلف مراحل الحياة.
ان الاسرة هي المصدر الرئيسي الذي يستمد منه الابناء قوتهم ومكانتهم الاجتماعية واحساسهم بالامن والراحة النفسية والسعادة ، وربما هذه الوظيفة قد تختل في بعض الاحيان وتصبح الاسرة مصدر ازعاج وتهديد لابنائها من خلال التعامل القائم على الضرب والاهانة والتحقير والاهمال فيشعر الابناء بعدم الامان وتحدث العديد من الاضطرابات النفسية من خلال التنشئة العنيفة وتتحول الاسرة الى مكان اكثر خطورة على الابناء من اي مكان اخر.
ان الاساءة المنزلية للابناء داخل الاسرة باشكالها ومظاهرها واساليبها المختلفة هي نوع من القلق والاضطرابات النفسية والمشاكل التي تصيب افراد الاسرة في هذه الحاله تعكس صور الاساءات المتعددة والممارسات الشاذة على سلوكيات الابناء ونفسياتهم مما ينشأ لديهم سوء التوافق الاجتماعي وهذا يقود الى سوء في الصحة النفسية وفي هذه الحاله لا يحتاج الابناء للعلاج والمساعدة لوحدهم وانما يحتاج الوالدان الى المساعدة وذلك من خلال توجيههم وارشادهم لتربية ابناءهم التربية السوية البعيدة عن العنف المنزلي الناتج عنه القسوة و الاساءة في التعامل.
ان اثار العنف الاسري الموجه ضد الابناء الصغار تظهر بشكل مباشر من خلال وجودهم مع ذويهم اذ يعانون بوادر الاضطرابات النفسية مثل الحزن والقلق والشعور بالتعاسة والعدوانية والحركة الزائدة والكذب والعناد والشعور بالذنب نتيجة تمكنهم من القيام باي عمل تدخلي ثم يتحول الى خوف دائم و عدم استقرار ، وعند بلوغ المراهقه تظهر لدى الابناء سلوكيات عدوانية وتجريح الاخر ، ويميل الابناء الذكور الى تقليد والدهم في سلوكه العنيف تجاه النساء اما البنات فينمو لديهم المواقف السلبية تجاه الازواج.
وتتميز التنشئة الاسرية السيئة للاسرة بمجموعة من الخصائص كالامراض ومنها الاضطرابات النفسية واستخدام العقاب بوصفه وسيلة تربوية للضغط داخل الاسرة كما يسود فيها تجاهل الابناء مما يثير الشعور بالعزلة وشعور الوالدين بعدم الرغبة في الابناء وكذلك تفضيل الوالدين للذكور على الاناث وتفضيل الاخ الاكبر على الاصغر ، وان كل هذه الامور تقود الى الخلل الذي يعاني منه الابناء في الصحه النفسية. تقود الخلافات الاسرية الى العنف الاسري بين ابناء الاسرة الواحدة فقد يكون الخلاف بين الزوجين او بين الزوجين و الابناء او بين الابناء بعضهم ببعض ومنهم من يختلفون حول المكان الذي يعيشون فيه او حول موارد الاسرة المالية او حول الاعمال المنزلية.
كما يختلف بعض الازواج بالجدل حول قضايا مثل العلاقات بأهل الزوج او أهل الزوجة او حول اساليب التنشئة التي يستخدمها الوالدان في تنشئة الابناء. واخيرا تحتاج الحياة الزوجية الى الكثير من التنازلات والتضحيات والعطاء في سبيل مصلحة الاسرة واستمرار الحياة الزوجية لذا على الزوجين ان يتجهان قدر الامكان الى الود والانسجام واللذان ينعكسان على ابناء الاسرة سعادة ورضا وبخاصة على الابناء الصغار الذين يحتاجون الى الرعاية والاهتمام بعيدا عن اساليب التعامل العنيفة.