الكذب من ابرز العادات الشائعة لدى الابناء ، والتي قد تستمر معهم في الكبر اذا ما ترسخت في نفوسهم ، وهذه الظاهرة ناشئة في اغلب الأحيان من الخوف ، وقد ورد الكذب في القرآن الكريم في عدة مواقع ، ويدل ذلك على شناعة هذا الخلق المذموم والذي نهى الله عنه سبحانه وتعالى ، فالكذب هو خلاف الحقيقة ، والكذب هو سلوك لفظي مغاير للصدق ، ويعمد الطفل من خلال هذه المحاولة الى تبرير الأفعال والاقوال بما يتناسب مع غاياته ودوافعه ورغباته ، بيد ان بعض الأطفال يستمرون في ممارسة الكذب ويصبحون في نهاية الامر غير قادرين على التمييز بينه وبين الصدق ، وقد يكون ذلك حالة خطيرة تستدي اهتمام الابوين .
يعتقد البعض ان الكذب لدى الأطفال يعود الى التأثر من الإباء والاخوة في البيت منذ التنشئة الاولى ، اذن هو سلوك مكتسب وليس فطريا ، فلا يوجد طفل يولد كذابا وانما يكتسب هذا الخلق الذميم من خلال ما يسمعه ممن حوله ، ويهدف الإباء او بعض الاخوة في الاسرة محاولة الكذب امام الطفل بحجة دفعه الى مستوى افضل من السلوك ، وذلك من خلال إعطاء الوعود له بتقديم الهدايا له وعد الالتزام بتنفيذها ، فالاطفال يقلدون ابائهم واخوانهم في البيت ويكسبون منهم الكثير من الصفات الجيدة والرديئة حسب ما يدلي به افراد الاسرة .
وقد يكذب الطفل بحكم ظروف مرحلة النمو التي يمر بها ، فالطفل او المراهق قد يكذب رغبة في جذب الانتباه اليه ، كما يحدث عندما يبالغ المراهق في ذكر مغامراته لأصدقائه وانداده ، وكذلك فمن المعروف ان الطفل الصغير لا يستطيع ان يميز تمييزاً قاطعاً بين الحقيقة والخيال مما يدفعه ذلك الى الكذب ، فالطفل الصغير يختلط علية الامر فلا يعرف الفرق بين ما حدث بالفعل وبين ما تخيله هو ، فالقصص والاساطير الخيالية التي يسمعها الطفل الصغير يتم ترجمتها في خياله الى واقع ، ولذلك يراها تحدث امامه والتي يراها بعين الخيال كما لو كانت ماثلة امامه فعلا ، ومن المعروف ان خيال الطفل قوي لدرجة تجعله اقوى من الواقع نفسه وإعطاء الطفل الفرصة لكي يخبر بنفسه عن الأشياء الحقيقية ، وتوسيع ذهنه بالوسائل العلمية لكي يساعده ذلك في التمييز بين الحقيقة والخيال ليتجنب الكذب .
هناك بعض الأطفال الذين يميلون للكذب على سبيل اللعب ، او لتأثير كذبهم على الذين يستمعون لهم او الكذب بدافع الخوف ، وقد يكذب الطفل خوفاً من قول الحقيقة ، ولكنه عندما يتأكد انه لا خوف عليه لا يجد فائدة من الكذب ، وان اغلب أكاذيب الأطفال يثيرها الخوف ، وفي غياب الخوف يختفي الكذب .
وعندما يعجز الطفل او المراهق عن مواجهة المشكلات التي تعترضه بصراحةٍ واقتدارٍ ، فإن ذلك يدفعهُ الى أساليب مختلفة ومنها الكذب ، وتسمى هذه بالحيل الدفاعية وهي نوع من تشويه الحقيقة ، وقد يكون الكذب على هيئة تبرير مثلاً : يحضر الطفل الى المدرسة متأخراً ، فاذا سُئل عن ذلك أجاب ان والدته قد فاتها ان توقظهُ في الوقت المناسب ، او ان الساعة المنبهة لم تدق في الصباح وغير ذلك .
وهناك الكذب غير المتعمد وهو الكذب الناشئ عن عدم التعرف او التأكد من امر من الأمور ، ثم يتبين ان الحقيقة على عكس ما يرويها لنا الطفل ، وربما يحدث هذا النوع من الكذب عن طريق الالتباس .
وهناك نوع من الكذب وهو تعظيم الذات واظهارها بمظهر القوة لكي ينال الطفل الاعجاب ، وجلب انتباه الاخرين وهذه صفة تجدها عند الكبار ايضاً .
وهناك نوع من الكذب الذي ينشأ من خلال الخصومات التي تقع بين الأبناء ، وخاصة الطلبة ، حيث يلجأ طالب ما الى الصاق تهمه كاذبه لطالب اخر بغية الانتقام منه .
وهناك نوع اخر من الكذب وهو الكذب الدفاعي وينشأ بسبب عدم الثقة بين الأبناء واولياء الأمور ، وذلك باستعمال الإباء والامهات أساليب العنف والقسوة وكثرة العقوبات التي يفرضونها على الأبناء مما يضطرهم الى الكذب لتفادي العقاب .
وهناك نوع اخر من الكذب وهو الكذب العنادي وهو ( التحدي ) سواء في البيت او المدرسة عندما يشعر الطفل ( الطالب ) باستخدام التسلط عليه والرقابة الشديدة والقاسية .
وهناك نوع اخر من الكذب وهو الكذب التقليدي ، حيث ان الأبناء يقلدون الإباء والامهات الذين يكذب بعضهم على البعض الاخر على مرأى ومسمع منهم .
وهناك نوع اخر من الكذب وهو الكذب المرضي المزمن الذي نجده لدى الصغار والعديد من الأشخاص الكبار الذين يعتادون على الكذب ، فتصبح هذه العادة سمة لديهم ، بحيث يصبح الدافع للكذب لا شعورياً وخارجاً عن ارادتهم .
لابد من علاج هذه الظاهرة المذمومة والخطيرة على الأطفال ، وهي من الآفات الاجتماعية في المجتمع ، لذا ينبغي ان نلاحظ الآتي :
1-التأكد ما اذا كان الكذب لدى الأطفال نادراً ام متكرراً .
2-عندما يكون الكذب متكرراً التعرف على نوعه ودوافعه .
3-عدم معالجة الكذب بالعنف او السخرية والاهانة ، بل التعرف على الأسباب التي تؤدي له .
4-ينبغي عدم الصاق تهمه الكذب جُزافاً قبل التأكد من وقوعها .
5-استعمال العطف والاحترام بدل العنف والقسوة ضد الأبناء الذين يمارسون الكذب ، وحتى في حالة العقاب ان لا يكون اكبر من الذنب في أي حال من الأحوال .
6-تفهم الأسباب المؤدية للكذب لدى الأطفال ، وتصنيف الكذب الذي يمارسونه ،
7-تلبية حاجات الأطفال الجسدية والنفسية والاجتماعية لان العديد من مواقف الكذب تنشأ نتيجة لفقدان هذه الحاجات وعدم تلبيتها لهم .
8-عدم محاباة الأطفال حين يكذبون والضحك من ذلك لكي لا تتعزز هذه الصفة في اذهانهم .
9-تحذير الأطفال من الكذب وتوجيههم بأنها من صفات المنافقين وانها تكون من الفجور .
10-تنبيه الطفل حينما يكذب والتعامل بحزم معه مع مراعاة الدافع للكذب ونوعه .
11-استعمال القدوة الصالحة امام الأبناء ، وذلك بأن يتجنب الوالدان الكذب امامهم .