يعد الإرشاد والتوجيه الغرض الأساس والهدف الأسمى من بعثة الأنبياء والرسل كافة، غايتها إصلاح شؤون المجتمع والارتقاء به إلى أعلى مستويات الخير والفضيلة ولما كان القران الكريم الكتاب الإرشادي الأول للمسلمين فقد وردت كثير من الآيات في القرآن الكريم تحث على الارشاد والتوجيه النفسي والاسري وغيرها من التوجيهات والارشاد ، فإن كلمة (رشد) وردت في القران الكريم (13) مرة ومنها قوله تعالى : {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }الأعراف/146 وقد جاءت كلمة الرشد على معان عدة وهي (الهداية، والصواب ، والخير ).
وقد وردت كلمة (رشيد) (3) مرات في القران الكريم ومنه قوله تعالى:
{قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ } ( سورة : هود , الاية :87 ) .
وقد جاءت هنا بمعنى استعمال العقل بصورة صحيحة .
زيادة على انها من اسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى و الرشيدُ: هو الذي أَرْشَد الـخـلق إِلـى مصالـحهم أَي هداهم ودلـهم علـيها ، على وزن فَعِيل بمعنى مُفْعِل؛ وقـيل: هو الذي تنساق تدبـيراته إِلـى غاياتها علـى سبـيل السداد من غير إِشارة مشير ولا تَسْديد مُسَدِّد.
اما كلمة (راشد) فقد وردت مرة واحدة في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } ( سورة : الحجرات , الاية :7 ) .
فمن خلال ما ذكر من الآيات المباركة يتبين من هو الراشد من الناس في حين ان كلمة (مرشد) وردت في القران الكريم مرة واحدة في قوله تعالى : {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً } ( سورة : الكهف , الاية :17 ) .
فالمرشد الأول لنا هو الله سبحانه وتعالى اذا ما توفرت لدينا النية الخالصة والايمان الحقيقي ولما كان الانسان محاطا بسور من الشهوات وهوى النفس وتأثير الشيطان فقد هيأ الله سبحانه لنا مرشدين على مدى الازمنة وهم الانبياء والرسل عيهم السلام وقد تجلى الارشاد والتوجيه الديني سواء كان نفسي أو اسري بأسمى معانيه ومبادئه في الرسالة الإسلامية المحمدية الأصيلة. فقد بعث الله تعالى نبينا محمداً (صلى الله عليه وآله وسلّم) رحمة للعالمين جميعاً قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }( سورة : الانبياء الاية:107) ,فيمكن أن نتفكر في كلمة (رحمة) فكيف يمكن لبشرٍ ممن خلقهم الله ان يكون رحمة للعالمين ؟ وقد تمثلت هذه الرحمة بإرشاد الناس ودعوتهم إلى الخير والصلاح ولذا فإنّ الإرشاد يعد هدفاً أساساً من أجله بعث الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، ويمكننا إيجاز أهم الأسس التي أكّد عليها الإسلام والقران الكريم في عملية الإرشاد والتوجيه بما يأتي:
- النية الخالصة: لابـد لمن يقوم بوظيفة الإرشاد أن يخلص نيته لله تعالى، فبدون النية الخالصة لايحصل التوفيق من الله سبحانه لأداء العمل. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) “إنّما الأعمال بالنيات ولكل أمريء ما نوى”.
- ضرورة إمتلاك العلم الكافي والمعرفة الوافية والخلق الرفيع لدى المرشد. لأنّه يقوم بمهمة عظيمة تتطلب معرفة ودراية كبيرتين. {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ}الأنبياء73.
- الكلام الطيب والموعظة الحسنة: قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
- الشعور بالمسؤولية في القيام بالتوجيه والإرشاد. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم” .
ويقوم الارشاد والتوجيه القرآني على عدة امور مهمة منها:
الامر الاول : الارشاد والتوجيه الالهي من خلال بعثة الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام .
الامر الثاني : وضع الاسس التي يقوم عليها الارشاد والتوجيه أو المرشد في الارشاد والتوجيه النفسي والاسري.
الامر الثالث : ورود الكثير من النصوص القرآنية التي تحث على التوجيه والإرشاد وهي الغاية من بعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام.