م.د هاجر عبد الدايم مهدي
جامعة ديالى- كلية التربية المقداد
التعايش السلمي (مبادئ الثورة الحسينية "انتصار الدم على السيف") انموذجاً.
إن التعايش بين البشر ضرورة للحياة وهدف اجتماعي، لما له من دلالات اجتماعية واقتصادية وسياسية ودينية تهدف إلى خلق بيئة أخلاقية آمنة لرفاهية المجتمعات البشرية وتحقيق معاملات مفيدة فيما بينها، والتي بدونها يصبح وجودهم غير مكتمل. لا يمكن أن يتحقق التعايش بالعنف والسلاح والتدمير، لأنَّ ذلك ليس من أهداف الإسلام الحقيقي، ولا هو أحد أهدافه، بل على العكس تمامًا. فديننا يدعو إلى التسامح والسلام والتوق إلى العدل والتفاهم والاحترام بين الناس والحفاظ على الحقوق والوفاء بالواجبات، كما انَّ التعايش يمكن انْ يتحقق التعايش من خلال القضاء على جميع أسباب التطرف والتمييز الفردي على أسس طائفية وعرقية وطائفية. ويتحقق ذلك من خلال الحوار البناء بالحجج والأدلة والكلمات. آنَّ اهمية نشر ثقافة التعايش السلمي قولاً وفعلاً من خلال تطبيق مبادئ الثورة الحسينية يمكن انَّ يحقق التعايش السلمي الفعال الذي يمكن الإنسان من التعايش في بيئة آمنة ومستقرة تكون قائمة على القوانين والأسس العادلة، اذ أنَّ نشر ثقافة السلم والتعايش السلمي من خلال مبادئ الثورة الحسينية تمثل نوعاً مهما ًمن الوسطية والعقلانية والموضوعية، واحترام الآخرين مع مراعاة حقوقهم والذي يعمل على تحقيق الحقوق والنصح والإرشاد والتوجيه والاستدلال الصحيح وهو أفضل طريقة يمكن للأفراد استعمالها لعلاج جميع الانحرافات التي يعاني منها المجتمع اليوم سواء كانت هذه الانحرافات فكرية ام عقلية، لذلك عند استعراض مواقف من معركة الطف نرى انَّ الامام الحسين عليه السلام واصحابه رضوان الله عليهم اجمعين ابتدأوا واستمروا بالنصح والإرشاد حتى آخر رمق من حياتهم، جاء هذا كله تطبيقاً لتعاليم ديننا الحنيف والرسالة المحمدية، وما يتعرض له مجتمعنا اليوم من غزو بمتغيرات سلبية دخيلة أثرت على المنظومة القيمة (التربوية والاجتماعية)، والتأثير الاعلامي السلبي والأوضاع الأمنية وما تسببه من ضغوطات نفسية، وغيرها من المشكلات ادت الى حاجتنا الماسة التحقيق الفكر العملي للإمام الحسين "عليه السلام" في مختلف المجالات لكي يساهم في ايجاد الحلول وبناء الشخصية الايجابية الفعالة وتقويم السلوك وتهذيبه. وكل هذا يمكن ان نجده في مبادئ الثورة الحسينية المناسبة ولتحقيق ذلك التغيير لابدَّ من توافر البيئة المناسبة والموجه والجيل الواعي بالإضافة الى الحوافز والأسباب التي تدعو لذلك، ونحن نرى انَّ المدرسة (الجامعة) أفضل بيئة لنشر ثقافة التعايش السلمي كونها تضم الأستاذ(المعلم) والشريحة المثقفة الواعية، والقادرة على نشر تلك الثقافة في الوقت الحاضر والمستقبل. فنحن بحاجة الى تعليم يعزز كفاءة المتعلم ليتقبل الرأي الآخر ويساعده على التعايش بسلام مع الأخرين، ويكون قادراً على تحمل المسؤولية الاجتماعية، وأنْ يكون التعليم أداة للوحدة الوطنية في مجتمعنا المدني. فمؤسساتنا التعليمية مدعوة من أجلَّ ترسيخ قيم المواطنة الإيجابية إلى تعزيز ثقافة التعايش السلمي في البيئة المدرسية (الجامعية) والمجتمعية، لكي نساهم في تكوين عقلية بصيرة تتجاوز الجمود الفكري والتحيز والتعصب وأحادية الرؤية، وكل ذلك أمر مرهون بإذكاء عملية تعليمية شاملة واصيلة قادرة على توظيف مختلف الطاقات التربوية والجامعية في تعزیز بناء قيمي وروحي قوامه الحوار مع الآخر والتسامح معه، ومحاربة مفاهيم وقيم العرقية والعدوانية وبالتالي سوف يساهم ذلك في انجاح وتطوير العملية التعليمية في مؤسساتنا التربوية كافة.