تقوم فكرة الفلسفة الواقعية على ان مصدر كل الحقائق هو هذا العالم, فلا تستقى الحقائق من الحدس والالهام وانما تأتي من هذا العالم الذي نعيش فيه(عالم الواقع) اي عالم التجربة والخبرات اليومية, وقد وجدت هذه الفلسفة منذ ارسطو(322-383 ق .م) ولكنها تطورت على يد (جون لوك) الانكليزي (1632-1704) الذي اسهم في اثراء الاتجاه الذي يطلق عليه (الواقعية العلمية) , والذي كان يعتقد ان الانسان يولد بدون افكار سابقة , وان عقله يكون صفحة بيضاء تخط عليه التجربة كل ما تصل اليه من معرفة ,لان كل الحقائق والمعارف موجودة في العالم الاغريقي (الطبيعي), ويصل اليها الانسان عن طريق اتباع الاسلوب العلمي, والمشاهدات المنطقية ,لهذا فان العملية التربوية تتم في اي وقت عن طريق الاستجابة المرسومة للمثيرات المحدودة, كأن يقدم المعلم المثير ويستجيب الطالب لذلك المثير, ومن ابرز الافكار الاتي تؤمن بها هذه الفلسفة ان المجتمع يسير وفق قوانين طبيعية عامة وشاملة على الانسان ان يطيعها كي يسير المجتمع سيرا طبيعيا ناجحا, وان مهمة التنشئة الاجتماعية دمج الافراد في المجتمع, وان القيم ثابتة يستمدها الانسان من واقع حياته وممارساته, وان التربية تهدف الى مساعدة الفرد ليتكيف مع بيئته لا يشكلها, او يؤثر فيها ولكي يتم التفاعل الفعال بين الانسان وبيئته فان عليه ان يفهم العالم الذي يعيش فيه, وهذا الفهم والمعرفة بالعالم محصورة بحدود العالم الخارجي الواقعي, وهذه المعرفة من الممكن اكتشافها وتلقينها للصغار بطريقة منظمة في المدارس, كما ان الهدف الاساسي للتربية الواقعية هو تعليم القوانين الطبيعية والخلقية التي تتم التوصل اليها.
وتؤمن الفلسفة الواقعية بكافأة الاستجابات الصحيحة للطلبة وتعزيزها, كما تؤمن بالعقاب لتعديل سلوك المخالفين, ولا ننسى اهمية الارشاد الذي يجب ان يقوم به مرشد خبير , وتخالف هذه المدرسة مدرسة المثاليين بشأن البناء المدرسي, فهم لا يعار1ضون انشاء المدارس الحديثة المكيفة, الا انهم لا يرونها شرطا لنجاح عملية التعلم, خلافا للمثاليين الذين يرفضون وجود المعلم الذي يمتلك المادة والخبرة لتنفيذها من خلال استخدام الاساليب الفعالة كالتعليم المبرمج, والبطاقات وغيرها.
ومن المدارس النفسية المتفقة مع هذه الفلسفة المدرسة السلوكية او المسماة (المدرسة الترابطية) التي تعتمد نظرية المثير والاستجابة والربط بينهما كطريق للمتعلم.
لذا فان المدرسة السلوكية من وجهة نظر (سكنر) على ان المكافآت هي المعززات التي ترمي الى استمرار اثارة السلوك الايجابي عند الافراد, لكن ما يعد معززا عند فرد ما ربما لا يكون معززا عند فرد آخر, فالثناء والتقدير من اكثرها استعمالا للتعزيز, لسهولة توافرها, لكنها تصبح عديمة الجدوى عند استعمالها بكثرة , لأنه يصبح من السهل التنبؤ بحدوثها , للتعرف على مدى اهمية الثناء والتقدير كمعززات وحوافز.
اما العقاب, فإنه مرفوض كمعزز, لأنه بالرغم من انه يمنع حدوث سلوك سلبي الا انه يكون سببا لإثارة الغضب والعدوانية, وفي النهاية التمرد والعصيان, لكن عندما لا يكافأ السلوك السلبي فانه يميل الى التلاشي مع مرور الزمن.
وتعترف المدرسة السلوكية بأهمية المعززات الايجابية, مثلما تعترف بوجود المعززات السلبية, ويتم التعزيز في ضوء تقديم المعزز الايجابي او في ضوء استبعاد المعزز السلبي, اي ان الكائن الحي يتعلم استجابة ما بأسلوبين هما ( تقديم المعزز الايجابي واستبعاد المعزز السلبي ) وهذا يؤكد على اهمية التعزيز كعامل اساسي في عملية التعلم والتعليم, ويعد ظاهرة سلوكية من دراسة السلوك نفسه ولا يكون من خارج مظاهر السلوك.
ومن ابرز رواد الفلسفة الواقعية اضافة الى (ارسطو وجون لوك) مثل: (توما الاكويني , واوجست كونت , وكومينوس , وفرانسيس بيكون, وبراند رسل) ويختلف اتباع الفلسفة الواقعية في بعض الامور المتعلقة بذلك, كالاختلاف في وجهات النظر بين كل من (ثورندايك وجثري)حول قبول قانون الاثر.
واخيرا تعتمد الفلسفة الواقعية على المدرسة السلوكية في دراسة السلوك بالاعتماد على دراسة الظاهرة السلوكية ذاتها وتنتج الظاهرة عن تفاعل الكائن الحي مع بيئته المحيطة به, ومن الممكن استشارة اجابات الطلبة بمجموعة من المثيرات التي تتعلق بالبيئة الاجتماعية والمادية لتحدث عملية التعلم والتعليم.